الرياضة .. دقت ساعة التخصيص
الحراك الرياضي جزء لا يتجزأ من أي تنمية اقتصادية اجتماعية. والرياضة (كما هو واضح على الساحة العالمية) أصبحت منذ عقود صناعة، ليس فقط فيما يرتبط بالبطولات والفعاليات بكل أنواعها، بل أيضا بدورها في الناتج المحلي، من خلال استثمارات مختلفة سواء تلك التي تدخل في نطاق الرعاية أو الترويج وغير ذلك. وحصة الرياضة في هذا الناتج تتعاظم، مع ارتفاع مستوى معايير هذه الصناعة، ومع تداخل بعض شرائح المجتمع فيها بصورة كبيرة للغاية، حيث باتت جزءا أصيلا من النسيج الاجتماعي المحلي، إلى جانب الناحية غير المحلية فيها، من خلال الفعاليات والنشاطات والمناسبات وغير ذلك.
الخطوة الجديدة في المملكة على صعيد الرياضة، ولا سيما العمل على إنشاء صندوق تنمية الرياضة، ليس فقط من أجل دعمها، وكي تصبح قطاعا فاعلا على صعيد التنمية، هذه الخطوة جاءت في الوقت المناسب، لأنها تتناغم مع الحراك الاستراتيجي التنموي الذي تشهده المملكة من خلال "رؤية المملكة 2030" وبرنامج التحول المصاحب لها. و"الرؤية" – كما يعرف الجميع تختص بكل شيء في السعودية، انطلاقا من الاستثمارات وحتى التفاصيل الخاصة بالعملية التعليمية، مرورا بكل القطاعات التي تمثل بنودا عريضة ثابتة فيها، وتحتها متطلبات التنفيذ. ولذلك فإن الرياضة يمكن أن يكون لها دور كبير في المستقبل، وفق المفهوم المتقدم لها على الساحة الوطنية. وكيف لا وهي تتلقى اهتماما كبيرا من جانب القائمين على البناء الاقتصادي الوطني الجديد.
هناك كثير من الخطوات لإيصال الرياضة في المملكة إلى المرحلة المأمولة. وولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وجه بضرورة توفير الإمكانات اللازمة لتحويل الأندية والمؤسسات الرياضية المختلفة إلى شركات استثمارية. خصوصا أن لديها ما تقدمه في المجال الاستثماري، ولكن بعد أن يتم الانتهاء من بنائها بصورة تتناسب مع المرحلة المقبلة. وعلى هذا الأساس، يأتي حرص القيادة على أن يتم الوصول إلى المراحل النهائية لإنشاء صندوق تنمية الرياضة الذي سيقوم بمهام الإعداد لهذه الأندية، سواء من خلال الإشراف أو توفير التمويل اللازم للتحول بأعلى مستوى من الكفاءة. هناك كثير من العمل لتتحقق الأهداف في هذا المجال، الذي يسهل الأمر ذلك الدعم والاهتمام من جانب القيادة، ولا سيما رؤيتها الاستراتيجية الشاملة.
تمضي المملكة قدما في عملية البناء الاقتصادي التي تشمل كل شيء. والرياضة لا تمثل قطاعا اجتماعيا آنيا فقط، بل هو قطاع مستقبلي أيضا من الناحية الاقتصادية والاجتماعية أيضا. ولأن الأمر كذلك، كان واضحا أن المسؤولين لا يريدون أي تأخير في مسألة التحول في المفهوم الرياضي والاستراتيجية المصاحبة له أيضا. ففترة الأشهر الثلاثة التي منحت للجنة المكلفة بدراسة التحول المشار إليه قصيرة بالفعل، ما يعني أن الحراك نحو التغيير سيكون متسارعا في الفترة المقبلة، خصوصا أنه مرتبط بالرؤية الشاملة للبلاد. ومما لا شك فيه، أن المكونات الرياضية في السعودية تمتلك قدرات وأدوات جيدة تسهم في سلاسة التحول الرياضي الوطني. فضلا عن أن لها تجربة يمكن الاستناد إليها، تساعد أيضا في استيعاب التحولات وفهم الاستراتيجية الرياضية ضمن الإطار العام للاقتصاد الوطني.