رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


«التطوع» .. وإعداد الشباب المنافس

ما إن تكتب كلمة "تطوع" في محرك البحث على منصة "تويتر" للتواصل الاجتماعي حتى تظهر لك عشرات الجهات التطوعية السعودية وعلى رأسها الجمعية السعودية للعمل التطوعي، وهو أمر مفرح ويشير إلى مدى إقبال الشباب السعودي على العمل التطوعي ذي الأهمية الكبرى في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
للتطوع قيم ومفاهيم نبيلة تتكرس في نفوس الشباب المتطوع بمرور الزمن إضافة إلى أهميته في استثمار فائض أوقات الشباب والمقتدرين من المواطنين في التصدي لكثير من القضايا والمشكلات التنموية، ولذلك تحرص الدول على تشجيع مواطنيها على التطوع في كل المجالات والمستويات لترسيخ القيم والمفاهيم النبيلة في نفوسهم وهو أمر غاية في الأهمية، إضافة إلى توظيف طاقاتهم الزائدة في مجالات التنمية.
الأمم المتحدة استحدثت في عام 1985 اليوم العالمي للتطوع ودعت الحكومات إلى الاحتفال بهذا اليوم سنويا في الخامس من ديسمبر من كل عام من أجل التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وحثتها على اتخاذ التدابير لزيادة الوعي بأهمية إسهام الخدمة التطوعية لتحفيز المزيد من الناس من جميع مسالك الحياة على تقديم خدماتهم كمتطوعين في بلدانهم وفي الخارج على السواء.
وبما أننا على أعتاب هذا اليوم العالمي المهم والحيوي خصوصا لمجتمع كالمجتمع السعودي الذي يشكل الشباب النسبة الأعلى من تركيبته السكانية فمن المتوقع أن نلحظ اهتماما كبيرا من الجهات المعنية كوزارة العمل والتنمية الاجتماعية لإنشاء برامج وطنية للمتطوعين، ولإنشاء هياكل تعزز العمل التطوعي في بلادنا وتحافظ عليه، وذلك ليتمكن المواطنون من الإسهام بأوقاتهم ومهاراتهم وخبراتهم لدعم خطط التنمية المستدامة والشاملة والمتوازنة.
اهتمام وزارة العمل والتنمية الاجتماعية باليوم العالمي للتطوع وإبراز هذا الاهتمام من خلال إطلاق المبادرات التشاركية مع الجهات التطوعية والجهات ذات الصلة التي تستفيد من العمل التطوعي في الظروف الاعتيادية والظروف الاستثنائية، ومن خلال النشر الإعلامي، ومن خلال مبادرات التكريم للعاملين في المجال التطوعي من أفراد ومؤسسات سيشكل حراكا مجتمعيا ومؤسسيا للدفع بمسيرة التطوع قدما في بلادنا كي ينخرط المزيد في هذا المجال الذي يشكل الاهتمام به عنوانا لتقدم البلاد وتنميتها وركيزة أساسية في بنائها وتطورها وازدهارها. للعمل التطوعي أثر بالغ في أنفس المتطوعين وإن انتسبوا إليه لأي سبب كان، حيث إن كثيرين من المتطوعين ينتسبون في بداياتهم للأعمال التطوعية لقضاء أوقات فراغهم، أو للتعرف على أشخاص جدد، أو لاحتياجهم إلى شهادات التطوع التي تدعم سيرهم الذاتية التي يقدمونها لطلب الوظائف. العمل التطوعي يشجع ويرسخ قيم مفاهيم العطاء والإيثار والصبر والتضحية والمساهمة الفاعلة في خدمة المجتمع بالتصدي للقضايا التنموية والمشكلات المجتمعية المزمنة والطارئة، وكل هذه القيم ومفاهيمها تصنع من الشباب عنصرا فاعلا منافسا قويا صلبا مسؤولا عن حياته وقادرا على مواجهة الصعاب والتحديات ولا يميل ليلعب دور الضحية كما هو حال الكثير من شبابنا اليوم الذي لا يعمل ولا يقدم على الاستثمار في الفرص الاستثمارية المتاحة بدعوى وجود الوافدين. ولكون البطالة من المشكلات التي تتصدى لها وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، ولكون جزء كبير من أسباب البطالة يتمثل في ضعف قيم ومفاهيم العمل والإنتاجية لدى الكثير من الشباب، ولكون التطوع يندرج تحت الأعمال الاجتماعية، فقد بات من الواضح أن على وزارة العمل والتنمية الاجتماعية أن تعتني بشكل كبير بالتطوع لما له من آثار كبيرة في نفوس المتطوعين بغرس القيم والمفاهيم الدافعة التي تحولهم، متى ما رسخت في نفوسهم، من حال "الشكوى" إلى حال "المبادرة" لاستثمار فرص العمل والفرص الاستثمارية بكل أنواعها وأشكالها، ولذلك كان من المتوقع أن تهتم وزارة العمل والتنمية الاجتماعية باليوم العالمي للتطوع بالتعاون مع كل الأجهزة الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني المعنية بشكل كبير، وتقدم الكثير من المبادرات وتحفز على المزيد منها من خلال الوسائل الاتصالية كافة بما في ذلك الأنشطة الاتصالية كالمؤتمرات والمنتديات والملتقيات.
وزارة العمل والتنمية الاجتماعية بالتعاون مع "هدف" ومع كل المؤسسات التعليمية ومن ذلك المؤسسات المعنية بالتعليم التقني والمهني سواء كانت مؤسسات حكومية أو خاصة يمكن أن تنشر مفاهيم العمل التطوعي وترسخ قيمه وتحفز أبناء المجتمع في مناطق المملكة كافة للانخراط في العمل التطوعي لاستثمار أوقاتهم الحرة الفائضة بما يدعم مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية في مناطقهم مع مراعاة خصوصية كل منطقة، كما يمكنها أن تطلق برامج بالتعاون مع الجمعيات والهيئات الأهلية المنخرطة في أعمال التطوع لتأهيل المتطوعين لرفع مستوى معارفهم ومهاراتهم في المجالات التي يتطوعون فيها، ومن ذلك على سبيل المثال التطوع في مجال الإنقاذ من الغرق والحرائق والكوارث الطبيعية، حيث يمكن تأهيل المتطوعين على مهارات الإنقاذ وفق المعايير الدولية ليكونوا مخزونا بشريا احتياطيا يدعم قدرات الدفاع المدني في الحالات الاستثنائية ومن ذلك الأمطار الغزيرة والسيول المفاجئة كما حصل في منطقة مكة المكرمة منذ عدة سنوات.
وإذا كان للتطوع كل هذه الفوائد التي تنعكس على سمعة البلاد لجهة مدى مشاركاتها الحضارية، وتنعكس إيجابا على الخطط التنموية للبلاد، وتنعكس إيجابا على السمات الشخصية للشباب السعودي لجهة المفاهيم والقيم والمواقف والسلوك ليصبح شبابا منافسا فلماذا لا نرى هذا الاهتمام الكبير والبالغ باليوم العالمي للتطوع بما يدفع ويحفز المتطوعين وبما يدعم ويعزز قدرات شبابنا التنافسية في سوق العمل والاستثمار؟
ختاما أتطلع إلى أن تبادر وزارة العمل والتنمية الاجتماعية لاستثمار اليوم العالمي للتطوع لدفع مسيرة التطوع في بلادنا إلى مصاف الدول المتقدمة لاحتواء الشباب المتطوعين وحث المزيد منهم على التطوع لترسخ قيم التطوع ومفاهيمه النبيلة في نفوسهم ليكونوا منافسين وسواعد دعم ومساندة في كل الظروف لتحقيق الأهداف التنموية الاجتماعية والاقتصادية لبلادنا الحبيبة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي