الاقتصاد السعودي المبني على الحقائق
أكدت مجموعة كبيرة من المؤسسات الاقتصادية الدولية، بما فيها تلك المستقلة في مناسبات عدة، أن المملكة تتمتع بقوة اقتصادية جيدة، على الرغم من تراجع أسعار النفط بصورة كبيرة على مدى أكثر من عامين. ووضعها هو الأفضل على الإطلاق بين كل الاقتصادات المشابهة، بحيث ظلت ثقة السوق العالمية بالاقتصاد السعودي على مستواها، وتجلى هذا بوضوح من خلال الإقبال الكبير على السندات التي طرحتها المملكة أخيرا، فضلا عن توافد المستثمرين أفرادا ومؤسسات للحصول على حصص في المشاريع التي تندرج ضمن "رؤية المملكة 2030" وبرنامج التحول المصاحب لها. وتأكيد بلدان مجموعة العشرين التي تضم السعودية، أن الأخيرة أكثر دول المجموعة التزاما بتعهداتها المحلية والخارجية طوال السنوات الماضية، وهي تتمسك بالتزاماتها في كل الأوقات.
وبتنويه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى الوضع المالي للبلاد، بعد استعراضه التقرير السنوي لمؤسسة النقد العربي السعودي، تزداد أدوات الاقتصاد الوطني قوة، ولا سيما أن الرياض لا تعمل إلا ضمن ما هو موجود على الأرض. بمعنى، أنها تعمل بما تملك لا بوهم ما ستملك. وهذا على وجه الخصوص يرفع من مستوى الثقة الدولية باقتصادها. ففي الأشهر الماضية، اهتم خادم الحرمين الشريفين مباشرة بعمليات التحول الاقتصادي الاستراتيجية الضخمة، وحتى في زياراته للخارج، كان يحرص على إظهار قدرات المملكة الاقتصادية، بل الجدوى الكبرى التي توفرها للمستثمرين، انطلاقا من خطتها الاستراتيجية الشاملة. وكانت أيضا الجولات التي قام بها ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، لها أثر كبير في تدعيم الحقائق الاقتصادية التي تتمتع بها البلاد.
وتقرير مؤسسة النقد العربي السعودي، أظهر بوضوح هذه الحقائق، وقدمها مباشرة إلى الملك سلمان، الذي أضاف ثقة أخرى أيضا إلى المشهد العام، بتأكيده أن الوضع المالي للمملكة هو نتيجة لما تتمتع به من أمن واستقرار. وهذه أيضا حقيقة يسعى وراءها كل من يرغب في أن يكون له دور فاعل في عملية التنمية الاقتصادية، بل في عملية البناء الاقتصادي الكاملة. فالمملكة كما يعرف الجميع، لا تقوم بإصلاحات اقتصادية، ولكنها تبني اقتصادا يحاكي العقود المقبلة، بكل استحقاقاتها ومتغيراتها وتحولاتها. ومن هنا يمكن بوضوح فهم الحراك الاقتصادي، وعليه أيضا توافرت الفرص المختلفة التي تنعكس بالفائدة على المستثمرين، وفي الوقت نفسه تسهم مباشرة في تحقيق الأهداف التي تضمنتها "رؤية المملكة 2030".
وتأتي أيضا تأكيدات محافظ مؤسسة النقد، ضمن الأطر العامة المهمة لوضعية الاقتصاد الوطني السعودي. فقد أكد أمام خادم الحرمين الشريفين، أن "الاقتصاد واصل نموه الإيجابي في العام الماضي حيث زاد وفقا لبيانات الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 3.5 في المائة، إلا أن النمو الاقتصادي تأثر بوضع السوق النفطية وتطورات الاقتصاد العالمي". التضخم انخفض العام الماضي، والأهم أن القطاع النقدي والمصرفي ساهم بصورة كبيرة في الحركة الاقتصادية، لافتا النظر إلى استمرار مساهمة القطاع النقدي والمصرفي في الحركة الاقتصادية من خلال توفير السيولة الملائمة لتمويل الأنشطة في الاقتصاد. والقطاع المالي، حظي (كما الاقتصاد الوطني) بإشادات كثيرة من قبل المؤسسات الاقتصادية والمالية العالمية، ليس فقط بوجود احتياطيات مالية كبيرة، ولكن من خلال المرونة التي أظهرها في الفترة الماضية، في حين واجهت القطاعات المالية حتى في البلدان الغربية المتقدمة مصاعب جمة في الأشهر الماضية، ما أدى إلى تدخل شبه دائم من قبل البنوك المركزية.
تمضي المملكة في طريق البناء الاقتصادي، رغم كل الصعوبات، وهي تحقق الإنجاز تلو الآخر على أرضية واقعية تماما، وعلى شفافية بأعلى المعايير العالمية.