على «العالم المذهول» التصالح مع تأثير انتخاب ترمب

على «العالم المذهول» التصالح مع تأثير انتخاب ترمب
سوف يعطي ترمب زعيم حزب الاستقلال البريطاني دفعة قوية.

أدلى الناخبون الأمريكيون الغاضبون على إدارة واشنطن بدلوهم. والآن يجب على العالم المذهول التصالح مع تأثير انتخاب دونالد ترمب رئيسا للولايات المتحدة على تحقيق الاستقرار العالمي في السنوات المقبلة.
لدى العالم بعض الوقت للنظر في الآثار الكاملة لفوز ترمب، وفقا لكارل بيلدت وزير خارجية السويد الأسبق؛
لأنه لن يتولى المنصب حتى 20 كانون الثّاني (يناير) 2017، وسيقضي عدة أشهر لتوظيف الرجال والنساء الذين سيقومون بدراسة الواقع وتنفيذ السياسات.
ما نعرفه هو أن الحكام المستبدين في جميع أنحاء العالم سيشعرون بالارتياح، بحيث لن يسمعوا أي كلام شديد من الولايات المتحدة حول ازدراء أنظمتهم بالديمقراطية والحرية، وحقوق الإنسان. وسيتم استبدال الهدف الأمريكي بجعل العالم آمنا وديمقراطيا بسياسة "أمريكا أولا" الأمر الذي سيشكل تغييرا كبيرا في السياسة الخارجية الأمريكية التي من المرجح أن تثير ابتهاج السلطات الروسية والصينية.
ونحن نعلم أيضا أن فوز ترمب يهدد التجارة العالمية. وقد وعد ترمب بالتخلي عن الشراكة عبر المحيط الهادئ، وبفرض تعريفات عقابية على الواردات الصينية، ومن جانب واحد إعادة التفاوض بشأن اتفاق أمريكا الشمالية للتجارة الحرة. هذا هو آخر شيء يحتاج إليه العالم في الوقت الراهن، نظرا لأن التجارة - والاقتصاد العالمي ذاته – في أزمة.
وقد وعد ترمب بتعزيز الجيش الأمريكي ونظام الأمن القومي، وبمتابعة تهديدات "داعش" والجهاديين بقوة في جميع أنحاء العالم. ولكن القضاء على التنظيم، وتحقيق الاستقرار الحقيقي في بلاد الشام سوف يتطلب أكثر بكثير مما اقترحه حتى الآن. وعلى الرغم من أنه من المحتمل أن يراجع تصريحاته العارضة حول الأسلحة النووية، لا يمكننا أن نتجاهل احتمال دخول العالم مرحلة جديدة من انتشار الأسلحة وعدم الاستقرار.
وقال ترمب إنه سيراجع التفاوض على الاتفاق النووي مع إيران، كما تعهد بالتراجع عن التزامات الولايات المتحدة بالحد من الكربون بموجب اتفاق باريس حول المناخ. وهما إنجازان دبلوماسيان مهمان ومفيدان للمجتمع الدولي تم التوصل إليهما في السنوات الأخيرة. وما زالت عواقب انسحاب الولايات الأمريكية تستأثر باهتمام الرأي العام. على أي حال، سيعاني الاستقرار العالمي بالتأكيد.
وبحسب المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى البلقان، والرئيس المشارك لمؤتمر دايتون للسلام، فلا يمكن التنبؤ باستراتيجية ترمب بخصوص السياسة الخارجية، في حين يُعَد الغموض في العلاقات الدولية في كثير من الأحيان جزءا من سياسة الولايات المتحدة (اسألوا هنري كيسنجر). لكن القدرة على التنبؤ هي ما تميز صلب النظام الأمريكي بتحالفاته وعلاقاته وصداقاته، التي تم بناؤها على مدى عقود عديدة. وسوف تتضرر مكانة أمريكا كلاعب فعال على الساحة العالمية، ما سيوجد حالة من عدم الاستقرار على نطاق واسع.
وعندما يتولى ترمب زمام الأمور، فإنه سيضطر إلى التحرك بسرعة لطمأنة أصدقاء أمريكا وحلفائها في جميع أنحاء العالم. وخلاف ذلك، يمكن لهؤلاء إنشاء علاقات بديلة مع خصوم الولايات المتحدة أو غيرها من الدول الكبرى. وسيقوم الاتحاد الأوروبي بلعب دور محوري في الدراما القادمة، لأنه شريك أساسي لأمريكا بشأن القضايا العالمية منذ فترة طويلة، والعكس بالعكس. ومع ذلك، فقد أشاد ترمب بقرار المملكة المتحدة لترك الاتحاد الأوروبي، وأصدقاؤه الأوروبيون الوحيدون هم شخصيات مثل زعيم حزب الاستقلال البريطاني نايجل فراج، الذي قاد حملة البريسكت في المملكة المتحدة وساند حملة ترمب في الولايات المتحدة. وسوف يُعطي ترامب للشعبويين والقوميين مثل فراج دفعة قوية في الأشهر والسنوات المقبلة عن قصد أو عن غير قصد. قد يفهم ترمب بعد فوات الأوان أن أوروبا منقسمة ستكون أقل استقرارا، وأن هناك خصوما للولايات المتحدة يستعدون لاستغلال فرصة انقسام أوروبا. على سبيل المثال، تحاول روسيا، من جانبها، بشكل واضح تقويض الاتحاد الأوروبي، وتغيير قواعد اللعبة في أوروبا. ويمكن للرئيس الروسي فلاديمير بوتين الآن اعتبار ترمب شريكا جديدا في مشروعه التصحيحي. لكنه من الممكن جدا أن يبالغ في استغلال هذه الشراكة، أيضا. سوف يضطر العالم إلى إعطاء ترمب الوقت للانتقال من حملته التي كان يحركها الغضب إلى الحكم المسؤول الذي يشكل الطريقة الوحيدة التي يمكن بها للولايات المتحدة الحفاظ على نفوذها العالمي. وسيضطر إلى اختيار وزير الخارجية ووزير الدفاع ومستشار الأمن القومي في وقت مبكر، وسوف يدقق العالم في خصوصيات معاونيه بعناية.
ولربما يقوم ترمب باتخاذ خيارات جيدة، يختم الوزير كارل بيلدت، ولكن، بالنظر إلى فحوى حملته الانتخابية، فقد انخفضت ثقة الشركاء الأجانب في الولايات المتحدة إلى أدنى مستواها. ومع فوز ترمب، دخل العالم فترة حاسمة من عدم اليقين وعدم الاستقرار. وتضاعفت التحديات العالمية، وأضحى النظام الدولي تحت أكبر تهديد خطير منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. وحتى في أحسن الظروف، فقد عزز انتخاب ترامب بلا شك هذه الاتجاهات المقلقة.

الأكثر قراءة