رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


المفاعل الاندماجي الفرنسي للطاقة النظيفة

الاندماج هو ذلك التفاعل النووي الذي يمد الشمس والنجوم بالطاقة، وهو مصدر محتمل لطاقة آمنة لا تنتج عنها انبعاثات كربونية وهي بالفعل غير محدودة. والاندماج هو مصدر طاقة الشمس والنجوم، حيث تتصادم نوى الهيدروجين في ظل الحرارة والجاذبية الهائلتين في قلب هذه الأجرام السماوية وتندمج لتكون ذرات الهيليوم الثقيلة مطلقة كميات هائلة من الطاقة من جراء هذه العملية التفاعلية. وبعد ثلاثة عقود من الأبحاث باهظة الثمن الممولة من الحكومة التي فشلت في تحقيق نجاحات ملموسة، تحول الاندماج النووي من مصدر واعد للطاقة الفعالة غير المحدودة إلى شيء أشبه بمزحة قوية.
وتتجه أنظار العالمين صوب مفاعل الاندماج قيد الإنشاء في فرنسا حاليا، الذي يسمى المفاعل النووي الحراري التجريبي الدولي ITER. ويمكن أن يكون مفاعل الاندماج هذا رائدا لحقبة جديدة من الطاقة النظيفة. ورغم أن دمج الذرات يولد الطاقة إلا أن الأمر يحتاج إلى قدر هائل من الطاقة لإحداث الاندماج في المقام الأول. ويتم في درجات الحرارة القصوى فصل الإلكترونات عن النواة ويتحول الغاز إلى بلازما غالبا ما يشار إليها باسم الحالة الرابعة للمادة، وتوفر بلازما الانصهار هذه البيئة التي يمكن لعناصر الضوء أن تندمج في ظلها لإنتاج الطاقة. ونتيجة لذلك فشل المهندسون في تصميم آلة اندماج تولد طاقة أكثر مما تستهلك، ولكن المفاعل النووي الحراري التجريبي الدولي ITER هو أول آلة مصممة بحيث تحقق ذلك، وإذا نجحت يمكنها أن تغير العالم.
ويتمثل هدف المفاعل في تسخير قوة الاندماج، الأمر الذي يعد الخطوة التجريبية الرئيسة بين آلات أبحاث الاندماج المعاصرة ومحطات توليد طاقة الاندماج المستقبلية. وتعد كمية طاقة الاندماج التي يستطيع المفاعل النووي الاندماجي (توكاماك) إنتاجها نتيجة مباشرة لعدد من تفاعلات الاندماج التي تحدث في جوف المفاعل. ويدرك العلماء أنه كلما كبر حجم المفاعل كبر حجم البلازما، وبالتالي يزيد حجم طاقة الاندماج. وتتعاون حاليا في جنوب فرنسا 35 دولة لبناء أكبر مفاعل نووي اندماجي (توكاماك) في العالم، جهاز الاندماج المغناطيسي الذي تم تصميمه لإثبات جدوى الاندماج كمصدر للطاقة واسعة النطاق الخالية من الكربون اعتمادا على مبدأ طاقة الشمس نفسها وغيرها من النجوم.
وتعد الحملة التجريبية التي سيتم تنفيذها في المفاعل النووي الحراري التجريبي الدولي ITER أمرا حاسما لدفع عجلة علم الاندماج، وتمهيد الطريق لمحطات طاقة الاندماج المستقبلية. وسيكون المفاعل النووي الحراري التجريبي الدولي ITER أول آلة اندماج تنتج الطاقة الصافية، وأول آلة اندماج تستطيع مواصلة عملية الاندماج لفترات طويلة من الزمن، وأول آلة اندماج تصلح لاختبار التقنيات المدمجة والمواد والأنظمة الفيزيائية اللازمة للإنتاج التجاري للكهرباء من عملية الاندماج.
وقد أسهم الآلاف من المهندسين والعلماء في تصميم المفاعل منذ انطلقت فكرة الاندماج التجريبية الدولية المشتركة للمرة الأولى في عام 1985. ويعمل أعضاء المفاعل النووي الحراري التجريبي الدولي ITER - الصين والاتحاد الأوروبي واليابان وكوريا وروسيا والولايات المتحدة - معا منذ 35 عاما لبناء وتشغيل الجهاز التجريبي، سعيا للوصول بتقنيات الاندماج إلى النقطة التي يمكن عندها تصميم مفاعل الاندماج.
ويمثل المفاعل النووي الحراري التجريبي الدولي ITER بفضل قدرته على استيعاب حجم من البلازما، يبلغ عشرة أضعاف الحجم الذي تستطيع استيعابه أكبر آلة تعمل اليوم، أداة تجريبية فريدة من نوعها قادرة على إنتاج البلازما لفترات أطول واحتجازها بشكل أفضل. وقد تم تصميم هذا المفاعل خصيصا لإنتاج 500 ميجاواط من طاقة الاندماج، وإثبات التشغيل المتكامل لتقنيات محطة طاقة الاندماج، وإنتاج بلازما ذرات الهيدروجين الثقيل ونظائره (ديوتيريوم - تريتيوم) مع المحافظة على تواصل عمل التفاعل من خلال التسخين الداخلي، واختبار عملية إنتاج نظائر الهيدروجين (التريتيوم)، وإثبات سلامة خصائص آلة الاندماج.
وحسب الجدول الزمني الذي طرحه مدير المشروع - عالم الفيزياء النووية الفرنسي برنار بيجو - سيتم تشغيل المفاعل بحلول عام 2025 وتحقيق الاندماج فعليا في عام 2035، بتأخير 12 عاما عما كان مخططا في الأساس.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي