رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


استراتيجية مزيج الطاقة

أثبتت الدراسات المستقلة وكذلك الإحصائيات والتكاليف، أن مزيج الطاقة الجديد يتطلب وقتا لن يكون قصيرا، إذا ما تم اعتماده بالفعل في البلدان المستهلكة للطاقة بأشكالها المختلفة. ورغم أن بعض أنواع هذه الطاقة يشهد تراجعا في تكاليفه، إلا أنه لا يزال دون المستوى الذي يمكن أن ينافس البدائل الأخرى، بما في ذلك الطاقة الشمسية والنووية وطاقة الرياح والنفط الصخري. وكان المهندس خالد الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية في المملكة واضحا، عندما أكد أخيرا هذه الحقيقة، مع التأكيد في الوقت نفسه على التزام السعودية بتلبية احتياجات الطاقة لكثير من البلدان، وفي مقدمتها الصين والهند وبالطبع بقية الاقتصادات النامية الأخرى. ولن تتوقف أو تتعثر أثناء مراحل التحول التي تتطلب وقتا طويلا.
والمملكة كغيرها من البلدان التي تستشرف المستقبل بكل حقائقه، تعمل أيضا في مجال بدائل الطاقة التقليدية، وأقدمت على سلسلة من الشراكات والمشاريع في السنوات القليلة الماضية، يمكن أن تشكل محورا رئيسا في هذا القطاع. ولاسيما أن السعودية تتمتع بمزايا عالية الجودة في هذا المجال. فعلى سبيل المثال، أكدت المراكز المختصة بالطاقة في كل المناسبات، أنه يمكن للمملكة أن تتجاوز ألمانيا في مجال إنتاج الطاقة الشمسية. علما بأن ألمانيا تعتبر من الدول الرائدة في هذا المجال. ولم تتوقف خيارات الطاقة في السعودية، بما فيها النووية. وهذا يعني أنها تمضي قدما وفق الإطار العام للتحول في هذا المجال، ولكن دون أن تستبق الخطوات، لأن الأمر لا ينحصر بقرار بل بحقائق موجودة على الأرض.
ومما لا شك فيه، أن قضايا بدائل الطاقة حاضرة على الساحة لأسباب عديدة، من بينها بالطبع التكاليف والعلاقة مع البيئة، والاستقرار في الإمدادات. ولهذه الأسباب وغيرها، تضخ السعودية أموالا كثيرة في الاستثمارات في الطاقة المتجددة، بهدف الوصول إلى مزيج من الطاقة لن يكون طارئا بل أكثر استدامة وأطول أمدا. هذه الاستراتيجية تتعاظم على الساحة في المملكة منذ سنوات، ولا توفر مناسبة إلا وتكون جزءا منها، طالما أنها تستهدف ذلك المزيج الاستراتيجي. ومن هنا، يمكن القول، إن السعودية التي تعتمد (كغيرها من بلدان العالم) على النفط كمصدر رئيس للطاقة، تصوغ استراتيجية الطاقة وفق أسس عالية الجودة، والأهم وفق المتطلبات الواقعية والاستحقاقات التي ستظهر على الساحة في فترات معينة.
ورغم كل هذا الحراك، إلا أن العمل من أجل مزيج من الطاقة، أفضل كثيرا من العمل على أنواع متفرقة من الطاقة البديلة أو المتجددة. ولاسيما أن الأبحاث تشير في غير مناسبة إلى أن الحاجة إلى تقليل الاعتماد على النفط الأحفوري، تستدعي وجود استراتيجية واقعية لا عاطفية، مع الاعتراف بالأثر السلبي لهذا النفط في البيئة بشكل عام. وعلى هذا الأساس، ترصد المملكة مزيدا من الأموال للتطوير والأبحاث والاستثمار في كل المجالات التي تخدم الحراك الاقتصادي العالمي، وفي الوقت نفسه تقلل من الآثار السلبية للطاقة (بكل أنواعها) في البيئة. إنها منهجية ليست جديدة للمملكة، كما أنها تعد خيارا سعوديا استراتيجيا أيضا. والتطوير يجري في نطاق الوقود الأحفوري أيضا، لأن الأمر يتعلق بمنظومة متكاملة نحو تحقيق الهدف الأكبر، وهو وجود مزيج للطاقة جديد، يأخذ في الاعتبار كل المعطيات والمتطلبات، والأهم أن يأخذ في الاعتبار أيضا الاحتياجات اللازمة للحراك الاقتصادي العالمي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي