رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


أهمية التدرج لتخفيف أثر ضريبة القيمة المضافة إلى الأسعار

الضريبة هي أحد الخيارات التي تتخذها الحكومات لمجموعة من الأهداف، أو نتيجة لمجموعة من الظروف، التي تهدف إلى التوازن لتحقيق بعض المصالح وتفادي بعض العجز الذي يمكن أن يؤثر في مستوى الخدمة المقدمة. فالضريبة عموما ليست من الأمور الجيدة دائما، إذ إنها تؤثر في الأسعار في كثير من الأحيان، وتؤثر بشكل أو بآخر في مدخرات الأفراد، ومن هنا كان اتخاذ قرار من مثل هذا النوع لا يتم إلا بعد دراسة، كي لا تكون له آثار سلبية كبيرة في المجتمع وفي نشاطه الاقتصادي. ولذلك نجد أن الحديث عن ضريبة القيمة المضافة في دول الخليج بدأ منذ مدة ليست بالقصيرة، واليوم أصبح قرار التطبيق قريبا، بسبب الاتفاق فيما بينها على مجموعة من الخطوات والإجراءات.
في خبر في صحيفة "الاقتصادية" في عددها رقم 8431 وتاريخ 10 صفر 1438 هـ "استعانت الأمانة العامة لاتحاد الغرف الخليجية - كممثل للقطاع الخاص - بنخبة من الخبراء والمختصين في مجال الضرائب والمحاسبين إلى جانب ممثلين عن القطاع الخاص، لإعداد خريطة طريق تهدف إلى التطبيق المرن لضريبة القيمة المضافة، في محاولة لتفادي المعوقات والأخطاء التي تواجه بعض الدول التي سبقت دول الخليج في تطبيق الضريبة".
تجربة ضريبة القيمة المضافة تعتبر جديدة على المجتمع، وقد يجد فيها الكثير نوعا من التكلفة أو الشعور بتحول كبير للأسعار، بما يؤثر في مدخرات المواطنين.
لكن هناك أمور ينبغي النظر إليها بالاعتبار، لمعرفة حجم الأثر في المواطن، مع أهمية الإدارة الجيدة لهذه الموارد، لتصب في المصلحة العامة للوطن والمواطن، كما هو معمول به لدى كثير من الدول المتقدمة، التي يجد مواطنوها أن ما يقدمونه من ضرائب بمختلف صورها يتناسب مع حجم ما يقدم لهم من خدمات، بل يفوق ذلك بسبب الكفاءة في إدارة تلك الموارد.
من الأمور التي ينبغي النظر إليها أن المملكة ودول الخليج أصبحت اليوم أكثر انفتاحا على العالم، من خلال سعي حكوماتها إلى استقطاب الاستثمار الأجنبي سواء في استثمارات صناعية أو من خلال الاستثمار في قطاع التجزئة، وكما هو معلوم أن الحكومات في دول الخليج تقدم الدعم للسلع والخدمات خصوصا الصناعات داخليا، إضافة إلى انخفاض تكلفة الخدمات والوقود محليا مقارنة بأسعاره عالميا، وهذا شجع على عدم التفكير في الترشيد في استهلاك الموارد، مقارنة بدول كثيرة في العالم، فالبعض يتحدث مثلا عن أن في بعض دول العالم يستهلك تصنيع لتر الحليب من الماء أكثر بكثير من حجم ما يكلفه المنتج الوطني من الماء، ولعل وجود تكلفة للموارد غير المتجددة أو الموارد الطبيعية عموما أسهم في أن تعمل تلك الشركات على إيجاد حلول للترشيد في الاستهلاك، في حين أنه لا يوجد الحجم نفسه من الاهتمام في المملكة ودول الخليج بصورة عامة.
من الأمور التي يمكن أن يلاحظها المواطن مستقبلا أن قيمة السلع لا تخضع فعليا للتكلفة فقط، ففي بعض الحالات نجد أن القوة الشرائية في السوق هي ما يدفع إلى تحديد سعر السلع، ولذلك نجد أنه قبل بضع سنوات سعت الحكومة إلى تخفيض تكلفة الوقود ودعم بعض السلع، لكن ذلك لم يؤثر في أسعارها محليا بسبب القوة الشرائية التي كانت نتيجة لحجم الإنفاق الحكومي الكبير على مجموعة من المشاريع، في حين أن الأمر اختلف نوعا ما حاليا رغم رفع أسعار الوقود، ولذلك نجد أن وجود رسوم أو ضرائب لا يكون بالضرورة مؤثرا بشكل كبير إذا ما تمت إدارة الأمر بكفاءة عالية وبتدرج تستوعبه السوق والمواطن.
من المهم التركيز في المراحل الأولى على السلع الضارة التي قد تكون الزيادة في تكلفتها سببا في تخفيف الإقبال عليها، ومن ثم تكون في الكماليات التي لا تضر عموم المواطنين، أو ما قد يصفه البعض بسلع الأثرياء التي غالبا ما تكون باهظة الثمن من سلع الماركات العالمية، وهذه غالبا غير ضرورية، وارتفاع أسعارها سيكون خاصا بفئة محدودة مقتدرة ماديا. ويبقى أنه من المهم تجنب فرض الضريبة على السلع الضرورية، وهذا من الأمور المعمول بها في كثير من دول العالم في مثل سلع الحبوب والألبان والأدوية والكتب.
فالخلاصة أن ضريبة القيمة المضافة وإن كان فيها تكلفة على الفرد إلا أنه قد تكون لها حاجة لاستدامة تقديم الخدمات وتطويرها، ومن الأهمية لنجاحها الإدارة الكفؤة لهذه الموارد، والتدرج فيها يقترح أن تكون في السلع الضارة ومن ثم الكمالية، وأن يتجنب فرضها على السلع الضرورية قدر الإمكان.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي