رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


نظام المنافسة السعودي .. الاندماجات والاستحواذات «2 من 2»

تحدثت المقالة الأولى عن حداثة نظام المنافسة السعودي الصادر عام 1425هـ والمعدل عام 1435هـ، مستصحبة تجربة الولايات الأمريكية مع قانون المنافسة الأمريكي من حيث مروره بمراحل تاريخية وتشريعية. ثم أشارت المقالة إلى الخانة التي تلتقي فيها صفقات الاندماج والاستحواذ مع نظام المنافسة؛ هذه الخانة هي خانة التركز الاقتصادي المقيدة. بعد ذلك، تحدثت المقالة عن المعيار المالي المتخذ في عدد من قوانين المنافسة في الدول الأخرى، الذي من خلاله تتم معرفة إذا كان أطراف الصفقة ملزمين بإخطار هيئات/لجان/مجالس المنافسة عن هذه الصفقة ليتم النظر فيها. أطلق نظام المنافسة السعودي ولائحته على هذا النوع من الإخطار طلب تركز اقتصادي يتم تقديمه إلى مجلس المنافسة السعودي. هذه المقالة ستكمل ما بدأته المقالة السابقة مقتصرة على المعيار الذي اختاره نظام المنافسة السعودي ولائحته.
اعتمد نظام المنافسة السعودي ولائحته معيار النسبة المئوية (نسبة التركز الاقتصادي) التي حددها بنسبة 40 في المائة بمعنى أنه -وفقا لنظام المنافسة السعودي ولائحته- إذا كانت حصة الأطراف المشاركة في الصفقة 40 في المائة من السوق فإنه يجب على تلك الأطراف إخطار مجلس المنافسة والانتظار فترة دراسة الصفقة ليتم إصدار قرار بشأنها.
مع أن هذه النسبة وضعت كمعيار تتم من خلاله معرفة إذا ما كان يجب على أطراف الصفقة أن يقدموا طلب تركز اقتصادي أم لا، أي أن هذا المعيار يحدد حدود صلاحية مجلس المنافسة في فحص الصفقة ولا يعني بالضرورة أن الصفقة سيتم رفضها، إلا أن معيار النسبة المئوية يواجه عدة صعوبات. أولها: أن مرحلة دراسة الحصة السوقية هي مرحلة لاحقة تلي معيار طلب التركز الاقتصادي، حيث تلجأ هيئات/لجان/مجالس المنافسة إلى استخدام مقياس الحصة السوقية إضافة إلى عدة مقاييس أخرى كحجم التركز وكمؤشر هيرفندال-هيرشمان وغيره لقياس مدى القوة السوقية ومدى هيمنة الأطراف وأهم من ذلك مدى مقدرتهم على التحكم في الأسعار التي تعد أحد أهم المخاوف التي تسعى قوانين المنافسة لمحاربتها والوقاية منها.
ثانيها: أن معيار النسبة يشكل صعوبة على الشركات، كما يشكل صعوبة على القائمين بالمنافسة لمعرفة مدى إذا كانت الصفقة أو الأطراف قد تجاوزوا النسبة المقررة في النظام ولاسيما في ظل عدم وجود مركز للمعلومات متصل بجميع القطاعات يمكِّن الشركات أو القائمين من معرفة ذلك قبل اتخاذ قرار تقديم طلب التركز الاقتصادي.
ثالثها: أن نسبة 40 في المائة من الحصة السوقية نفسها قد تكون في خطوط إنتاج معينة مؤثرة، بينما ليست كذلك في خطوط إنتاج أخرى. في المقابل قد يوجد تركز لصفقة معينة بنسبة أقل من نسبة 40 في المائة في شكل من أشكال السوق أو نوع من أنواع السوق وتكون هذه النسبة مؤثرة في السوق.
لذلك، نرى أن معيار القيمة المالية للصفقة /قيمة الأطراف/قيمة العوائد الإجمالية السنوية أو المبيعات هو المعيار المناسب لتحديد إذا ما كان يجب على أطراف الصفقة تقديم طلب تركز اقتصادي لمجلس المنافسة السعودي.
هذه الإضاءة السريعة على جزئية من جزئيات نظام المنافسة وتحديدا إجراءات طلب التركز الاقتصادي التي كانت عبارة عن وقوف على ساحل محيط المنافسة، التي تعد بمنزلة تمهيد ومقدمة لإضاءات أخرى ستتم الإشارة إليها في المستقبل بحول الله تعالى.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي