إلى أي مستوى نحيا بازدهار؟
مطلع شهر نوفمبر أعلن معهد ليجاتوم البريطانيthe Legatum Institute مؤشر ليجاتوم للازدهار في نسخته لعام 2016 THE LEGATUM PROSPERITY INDEX. المعهد مركز أبحاث think-tank أسس عام 2007 في لندن ويتبع لشركة ليجاتوم التي تعمل في مجالات الاستثمار وإدارة الصناديق، وإدارة مؤسسة خيرية، ومركز ليجاتوم للتنمية وريادة الأعمال بالتعاون مع معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا لتمويل مشاريع الدراسات العليا في الدول النامية.
يستند المؤشر إلى 104 عناصر تقيم على أساسها 149 دولة حول العالم للوصول لمؤشر موزون من تسعة محاور تشمل كلا من مؤشر الجودة الاقتصادية Economic Quality ويقيس انفتاح اقتصاد الدولة، ومؤشرات اقتصادها الشامل، وأسس النمو، والفرص الاقتصادية، وكفاءة القطاع المالي، مؤشر بيئة العملBusiness Environment ويقيس بيئة الأعمال، والبنية التحتية لها، والعوائق التي تقف في وجه الابتكار، ومرونة سوق العمل، مؤشر الحوكمة Governance ويقيس أداء الدولة في ثلاثة محاور، تشمل الحوكمة الفعالة، والديمقراطية والمشاركة السياسية، سيادة القانون، مؤشر التعليم Education يصنف هذا المؤشر الفرعي الدول على أساس سهولة حصول المواطنين على التعليم، وجودة التعليم، ورأس المال البشري. مؤشر الصحة Health يقيس هذا المؤشر الفرعي أداء كل بلد في ثلاثة عناصر، تشمل الصحة البدنية والعقلية الأساسية، البنية التحتية للصحة، والصحة الوقائية، مؤشر الأمن والأمان Safety & Security ويصنف هذا المؤشر الفرعي الدولة على أساس الأمن القومي والأمان الشخصي، مؤشر الحرية الشخصيةPersonal Freedom يقيس هذا المؤشر مدى تقدم الدولة في الحقوق القانونية الأساسية، والحريات الفردية، والتسامح الاجتماعي، مؤشر رأس المال الاجتماعيSocial Capital ويقيس هذا المؤشر قوة علاقات الأشخاص، ودعم الشبكة الاجتماعية، والأعراف الاجتماعية، والمشاركة المدنية في البلد، وأخيرا مؤشر البيئة الطبيعية Natural Environment لقياس جودة البيئة الطبيعية، والضغوط البيئية، ومساعي الدولة في الحفاظ على البيئة.
على مستوى دول الشرق الأوسط من الدول العربية والإسلامية جاءت الإمارات في المرتبة الأولى بترتيب 41 عالميا، تلتها الكويت بترتيب 71، ثم تركيا 78 وجاءت السعودية في المرتبة الرابعة إقليميا والمرتبة 85 عالميا ثم توالت بقية الدول في المنطقة. يوصي المؤشر المملكة بأنه للتحسين أن تقوم بتحرير الاقتصاد المحلي، والاستفادة من انخفاض أسواق النفط بدعم وتعزيز سوق العمل، وأخيرا لتحقيق الازدهار المنشود يجب أن تركز الدولة على منح مواطنيها المهارات اللازمة لا الدعم المادي.
المؤشر يعتمد في بياناته على قواعد بيانات عالمية تشمل ما تنشره بعض المنظمات الدولية كالأمم المتحدة، البنك الدولي، صندوق النقد الدولي، منظمة الصحة العالمية، وبعض المنظمات غير الحكومية والمراكز المستقلة.
عند الاهتمام بمدى مصداقية مؤشرات كهذه يجب أن نقر أولا بمصداقية مصادر البيانات وصحتها. أيضا حتى نقر بنتائج هذا المؤشر أو غيره يجب أن نتبنى صحة جميع عناصر بناء المؤشر التي يجب أن تتوافق مع طبيعة الحياة العامة في البلد والثقافة السائدة. لذا أرى أن مؤشرات ومقاييس كهذه ليست بالأهمية القصوى التي يمكن أن نبني عليها استراتيجيتنا وقراراتنا بسبب وجود بعض الاختلافات التي يمكن نقدها وعدم تبني جزء منها لاختلاف الثقافات الدولية. ومع ذلك يجب أن نعمل على تحسين مكانة المملكة في عدد من المحاور والعناصر وتحديث البيانات المؤثرة في ذلك، مع إيضاح جوانب النقص في المؤشر الرئيس التي قد تحدث بسبب اختلاف الثقافات أو اختلاف الأنظمة والتشريعات، لا بسبب التخلف والتراجع في التطبيق.
ومع ذلك أتمنى أن نرى مثل هذه المؤشرات والمقاييس المبنية داخليا التي وعدت بجزء منها "رؤية المملكة 2030" من أجل قياس الأداء والتحسين المستمر من خلال تطبيق معايير عالية الجودة لحوكمة الأداء العام وتطويره.