رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


حلول متوازنة للمشكلة الاقتصادية

دائما ما تقع الحكومات في مشكلة التوازن بين الإنفاق الرأسمالي والإنفاق الجاري، وما الخلطة الاقتصادية المناسبة من هذا أو ذاك، التي ستنعكس على الميزانية العامة للدولة وحجم الإنفاق بشكل عام؟ وهذه القضية قديمة قدم علم الاقتصاد، والنظريات الاقتصادية جميعها دارت حول هذه النقطة في الأساس، ومع ذلك بقيت الموازنة بينهما قضية اجتهادية على الرغم من الدراسات والبحوث، وهي حساسة جدا من نواح عدة، فالأوضاع السياسية والمالية للدولة قد تفرض حلولا أحادية الجانب من حيث تغليب إنفاق على آخر، ومن ذلك ما حدث للمملكة خلال السنوات الماضية، التي تم رفع مستويات الإنفاق الرأسمالي على المشاريع بشكل لافت جدا، ووصل الاهتمام بهذا إلى أن بلغ كثير من الأجهزة الحكومية في طلبات المشاريع حدا تجاوز حتى التبرير الاقتصادي لها، وهو ما أكده مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، بعدما تمت مراجعة كفاءة الإنفاق الحكومي. وبعد أن تراجعت أسعار النفط وفقدت المملكة جزءا كبيرا من إيراداتها، بينما هناك المئات من المشاريع الضخمة، وفي مقابل ذلك نفقات جارية هائلة على الرواتب والأجور والبدلات والتشغيل بصفة عامة، فلم يجد أصحاب القرار بدا من إيقاف الإنفاق الرأسمالي مؤقتا حتى يتم تقييم الموقف العام واستمرار الإنفاق الجاري حتى تصحيح الوضع، وفعلا تمت إعادة تقييم الإنفاق الجاري على الرواتب والأجور، وتعديل بنود عدة في هذا الجانب، كما تم تقنين مصاريف التشغيل، وبذلك تمت السيطرة على الإنفاق بشكل عام.
ولأن النظريات الاقتصادية تؤكد أهمية الإنفاق الرأسمالي لتعزيز النمو في المستقبل، لأنه يعزز القدرات الاستثمارية للاقتصاد، ومن ثم تحسين الإيرادات والنمو بشكل عام، فقد عاد مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية بحزمة من الحلول والإجراءات لتعزيز هذا الجانب وترتيب أوراقه، وأولها حل مشكلة الالتزامات المستحقة للقطاع الخاص على خزانة الدولة، ومن ذلك جدولة هذه المستحقات، لترتيب آلية سدادها، وبالطبع هذه ستحقق كثيرا من التوازن للاقتصاد وتعيد الحركة الاقتصادية نشطة من جديد، وستحل كثيرا من مشكلات رواتب العمال في قطاع المقاولات بشكل خاص. لكن أكثر ما يميز القرار ذلك الحرص على قواعد الحوكمة الاقتصادية من حيث تحقيق الشفافية في آليات الصرف، فلا يتم صرف مستحقات مقاول على حساب آخرين، وهنا تبنى المجلس إطلاق منصة إلكترونية لأتمتة إجراءات صرف المستحقات، والحرص على تحقيق أعلى درجات الشفافية فيها.
وللعودة إلى مرحلة التوازن بين الإنفاق الرأسمالي والإنفاق الجاري في الميزانية العامة للدولة بعد كل الإصلاحات التي شهدتها آليات الصرف، ورفع مستوى كفاءة الإنفاق الحكومي، فقد قام المجلس بمراجعة مئات العقود والمواصفات الفنية وشروط التعاقد، ومن ثم تقييم الموقف العام، وقد تم إيقاف التعاقد على تنفيذ عدد كبير من المشاريع التي لا يتناسب حجم الإنفاق عليها مع العائد الاقتصادي والتنموي، فهي لا تصنف مشاريع رأسمالية بالمعنى الاقتصادي المفهوم، وهذا أسهم في تحقيق وفورات بعشرات المليارات، بعد أن كاد الإنفاق الرأسمالي غير المدروس يتسبب في هدر بقيمة تريليون ريال.
هذه القرارات الأخيرة أوضحت بشكل جلي أن القرارات الاقتصادية لمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية تأتي بصورة مدروسة بشكل كاف، وأنها تنبع من فهم عميق للمشكلة الاقتصادية، التي نواجهها، فالمصالح العامة الكبرى هي أساس الحل، ولهذا فإن المجلس أكد في جلسته الأخيرة على الدور الذي قام به مكتب رفع كفاءة النفقات والدور المهم للشفافية في آليات الصرف.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي