رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


قسوة الأم

تغيرت المفاهيم التربوية في مجتمعنا بشكل درامي خلال السنوات الأربعين الماضية. كانت للوالدين صلاحية عظمى في المعاقبة على الأخطاء بالوسائل المادية. بمعنى أن الطفل في العقود الماضية كان يخرج من سني المراهقة، وقد حصل على كم من الضرب لا يمكن أن يتخيله أحد من شباب هذه الأيام.
العقاب الجسدي كان الوسيلة الوحيدة المعترف بها, لكن العقاب النفسي الذي يتألف من التقليل من قيمة المخطئ، مقارنة بمن هم في سنه أو من سبقوه, كان يهدف لدفعه للوصول لمكانة وقيمة عاليتين في مجتمعه, ويفهمها من يفهمها بأي طريقة إلا أن هذا الهدف هو الحقيقي.
كانت هناك تجاوزات واضحة في المجتمع وقسوة غير مبررة سواء في المنزل أو الحي أو المدرسة, وهذه القسوة ظلت ضمن الهدف العام وهو التوجيه نحو الخلق القويم وتحقيق توقعات الأسرة, لكن العقوبات كانت جزءا من تركيبة المجتمع.
أن يكون العقاب لغرض التشفي أو نتيجة عقدة نقص في الشخص أو وسيلة لإرضاء أو إغضاب الآخرين فتلك قضية مختلفة, وهي محور ما أتحدث عنه اليوم. الأم التي اعتدت على ابنها بشكل عنيف لا يمكن أن يقبله أحد, وإحساسها الطاغي بالنشوة وهي تقوم بذلك, بل واعتقادها بأنها الوسيلة الصحيحة للتعامل مع الطفل في هذه المراحل من تكوين المجتمع, يدل على أنها مريضة نفسيا بل قد تكون شخصية إجرامية مكانها خلف القضبان.
ليس السبب هو أنها تعاملت مع الطفل بهذا الأسلوب فقط، وإنما لأنها ترى الأمور بطريقة غير صحيحة, هي دون شك إنسانة غير سوية, واعتقادها بصحة سلوكها هو الأمر الأكثر خطورة. هل يمكن أن يسكت المجتمع على إنسانة كهذه وهي تعتدي على براءة الطفل, لتخلق شخصية انتقامية غير قادرة على التأقلم في المجتمع, وقد تحوله إلى خطر مجتمعي كما هي عليه.
عندما تكون الأم بهذا القدر من الإفساد وسوء الإدراك, نعلم أننا أمام مصيبة اجتماعية. الأم كانت على مدى العصور الملاذ والقلب الحنون الذي يحفظ للأسرة التوازن ويزرع المحبة, فإن هي تحولت إلى وحش وبهذا الشكل الخطير, فليس لنا سوى أن نحاصر الخطر الذي تشكله, ونمنع انتشار سلوكها وتأثيرها فيمن يقعون تحت يدها ويد أمثالها سواء طفلها أو غيره من الأطفال.. وفي الغد حديثي يستمر.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي