معاناة الشباب في البحث عن الوظيفة
حينما نتحدث عن الشباب فإننا نعني الشاب والشابة فهما يشتركان في الهموم والتحديات.. ولعل أهم التحديات هذه الأيام هي البحث عن الوظيفة.. فالشاب السعودي تعود من قبل على تحضير (الملف الأخضر العلاقي) والانطلاق متجولا على قدميه في حر الصيف أو برد الشتاء يقدم هذا الملف، ثم يقال له من بعض الخبثاء: لقد نسيت شيئا مهما، ويرتبك المسكين سائلا عن ذلك الشيء، فيكون الجواب "فيتامين واو"، وينطلق في الممرات سائلا عن مكان يبيع "فيتامين واو".. أما حينما يكون محظوظا ويقابل موظفا في شؤون الموظفين فإن السؤال الأول: هل لديك لغة إنجليزية؟ هل لديك خبرة سابقة..؟! ويُحبَط الشاب ويعود لفراشه لينام نهارا ويسهر ليلا والعمر يمضي بلا وظيفة.. أما العمل الحر فقد كان خارج إطار التفكير في ذلك الزمن الذي يصر البعض على تسميته "الزمن الجميل"، واختلفت الصورة حينما قبل الشباب السعودي التحدي وتعلم اللغات، بل درس في أرقى الجامعات العالمية، وعاد يبحث عن الوظيفة، وتوقع أن نفتح له الأبواب، لكنه واجه المصاعب نفسها، وأعرف عديدا من حاملي الشهادات الجامعية والماجستير وربما أعلى منها عادوا من أوروبا وأمريكا ويبحثون عن الوظيفة منذ شهور، حيث يواجهون المصاعب نفسها فبدل (الملف الأخضر العلاقي) أصبح الموقع الإلكتروني يقدم من خلاله وعليه انتظار الاتصال الذي لا يأتي.. وإن عقب قيل له: ألم تقدم عبر الموقع؟ وحينما يجيب بنعم.. يقال: عليك الانتظار.. وكأن الهدف هو التقديم فقط.. والمشكلة الأكبر أن لا أحد ينصح أو يرشد الشباب لأماكن العمل المناسبة لهم أو توفير التدريب الذي يسهل لهم الحصول على الوظيفة في الجهات الحكومية أو الخاصة، وانطلاقا من ذلك أقترح ولحل هذه المشكلة المزمنة أمام الشباب والشابات اللاتي دخلن وبقوة في دوامة البحث عن الوظيفة أن تتعاون الجهات ذات العلاقة وأهمها صندوق الموارد البشرية و«هيئة توليد الوظائف» بحكم الاختصاص، ومعهد الإدارة العامة بما لديه من إمكانات التدريب، وبعض البنوك السعودية وشركة أرامكو وشركة سابك كجزء من المسؤولية الاجتماعية.. أن تتعاون هذه الجهات في إنشاء (الشركة الوطنية للكوادر السعودية) بحيث تكون شركة مساهمة مغلقة تخضع لنظام الحوكمة، ولا تهدف للربح، وإنما تغطي مصروفاتها من إيرادات التدريب للكوادر السعودية وتوظيفها لدى الجهات الحكومية وغير الحكومية، ومن مواد التدريب دراسة اللغة الإنجليزية والحاسب الآلي والاختزال وغيرها من المهارات المطلوبة للوظائف المتوسطة التي يطلبها سوق العمل.
وأخيرا: يمكن للشركة المقترحة أن توظف الشباب وتقدمهم للعمل في المؤسسات والشركات الصغيرة والمتوسطة بطريقة الإعارة؛ لأن في ذلك تشجيعا لمن يتردد حاليا بأن يعمل في مؤسسة صغيرة غير معروفة، حيث يكون تحت مظلة شركة كبيرة حتى لو عمل في مؤسسة صغيرة.. والأهم من ذلك أن تكون هذه الشركة المقترحة عنوانا لمن يبحث عن الوظيفة بدل الضياع الحاصل حاليا، الذي يعتبر أكبر مشكلة تواجه الشباب الباحثين عن العمل.