تعزيز مكانة المنشآت الصغيرة والمتوسطة اقتصاديا

الخطوة التي أقدمت عليها دول مجموعة العشرين، على ساحة المنشآت الصغيرة والمتوسطة مهمة، لأنها تستهدف وضع قواعد متجددة لهذا القطاع المحوري المهم على الساحة العالمية، ولاسيما في بعض البلدان الناشئة التي باتت تشكل رقماً بارزاً على الساحة الاقتصادية العالمية. وتشكيل فريق عمل يدرس التحديات والعقبات التي تواجه هذه المنشآت، يعني أن هذا القطاع الاقتصادي سيحظى باهتمام أكبر ضمن نطاق مجموعة العشرين التي تسيطر على 90 في المائة من الاقتصاد العالمي، ولا سيما أن النتائج التي سيتوصل إليها هذا الفريق ستعرض على القمة المقبلة للمجموعة في ألمانيا نهاية عام 2017. أي أن هناك مساحة زمنية مناسبة للوصول إلى استنتاجات ضرورية في هذا المجال.
وتمثل المنشآت الصغيرة والمتوسطة أهمية كبيرة حتى في البلدان الصناعية الكبرى، وقد حققت فيها بالفعل تقدماً كبيراً على مدى العقود الماضية، في حين لا تزال أوضاع هذه المنشآت متضعضعة في عدد من البلدان الناشئة أو النامية. ومع تحسن أوضاعها بصورة لافتة في بلدان كالصين والهند وماليزيا، إلا أنها تواجه مصاعب كبرى في أغلبية البلدان غير المتقدمة صناعياً أو اقتصادياً. إلى درجة أن المؤسسات الكبرى تنظر إليها "كعدو"، في حين أن النظرة إليها في البلدان الأكثر تقدماً لا تخرج عن إطار التكامل مع المؤسسات الكبرى . وهذا ما دفع أوضاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة في بلد كاليابان إلى مستويات مؤثرة في حراك الإنتاج على مدى العقود الماضية، والأمر نفسه في بقية الدول الصناعية الكبرى.
ويؤكد الخبراء في العالم، أن قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة يلعب دوراً في معظم الاقتصادات، ويقدر هؤلاء حجمه بـ 30 في المائة من حجم الاقتصادات القومية في البلدان الناشئة، كما أنه يسهم بما يقارب 45 في المائة من القوى العاملة عالمياً. وهذه أرقام كبيرة بالفعل حتى مع وجود بعض العقبات هنا، وتحديات هناك. الذي يمنح التحرك الجديد على صعيد هذا القطاع، أن الخبراء والعاملين ضمن نطاق الاتحاد العالمي للغرف، سيقومون بإعداد الدراسة الخاصة بالمنشآت المذكورة، ويعرضون نتائجها على قادة مجموعة العشرين. أي أن الدراسة تتم في الحقل الاقتصادي العملي، نظراً لما تتمتع به الغرف التجارية في العالم من خبرات وتجارب وحتى إمكانات على صعيد البحث. يضاف إلى ذلك، أن هذه الجهة تعطي النتائج المنتظرة مزيداً من المصداقية والاحترافية أيضاً.
يتفق الخبراء والمهتمون بالمنشآت الصغيرة والمتوسطة على أن أكثر من 53 في المائة منها تعاني معوقات في التمويل عالمياً. ويمثل التمويل (كما هو معروف) محوراً رئيساً لحراك هذه المنشآت. وفي العالم العربي الأمر يبدو أكثر سلبية، لأن المعوقات التي تواجهها المنشآت المشار إليها ترتفع نسبتها، مقارنة بتلك التي تواجهها المنشآت نفسها في الدول الأخرى. ولا شك في أن حداثة دور القطاع في البلدان العربية تسهم في مستوى هذه العقبات، إضافة إلى النظرة العدائية الواضحة لبعض الشركات الكبرى للشركات الأقل منها حجماً. ولاشك في أن التعاون بين كل هذه الشركات (على اختلاف أحجامها)، يضيف مزيداً من القوة للاقتصادات المحلية، كما يعزز الاستدامة المطلوبة فيها. فالعلاقة الصحية بين المنشآت الكبرى والصغرى والمتوسطة، وفرت حراكا اقتصاديا صحيا في البلدان المتقدمة، ولاسيما في أعقاب الحرب العالمية الثانية، عندما صارت كل المنشآت جزءاً لا يتجزأ من الحراك الاقتصادي الوطني العام.
إن وضع نتائج الدراسة أمام قادة مجموعة العشرين في العام المقبل، يعطي المنشآت الصغيرة والمتوسطة قوة دفع تحتاج إليها في بعض البلدان، وتعزز مكانتها في بلدان أخرى.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي