موقف الرأي العام من تصريحات الإفلاس وعدم الإنتاجية «2 من 2»

استكمالا لمقال الأسبوع الماضي، بخصوص تصريحات بعض وزرائنا عن انخفاض مستوى إنتاجية الموظف السعودي حتى وصفته بعض الصحف العالمية "بالكسول" وتصريح "حتمية الإفلاس"، وإن كان الأخير قد تم التراجع عنه لفظيا.
وهنا دعونا نذكر بعض القضايا التي تحدثنا عنها سابقا، وتحدث عنها كثير من كتابنا وتحدث عنها مجلس الشورى، وتحدثت عنها التقارير الرسمية والمجالس الاجتماعية، ومنها:
- إن ترهل القطاع الحكومي ووجود البطالة المقنعة سبب في ضعف الإنتاجية، وضعف الرقابة والمساءلة. وقد خلص عديد من الدراسات والبحوث التي أجريت حول سوق العمل بالمملكة إلى أن إنتاجية العمالة الوطنية لا تزال منخفضة نسبيا ... "مقارنة بإنتاجية العامل في 26 دولة في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ... كما كشف تقرير، منظمة العمل العربية عـام 2008 انخفاض إنتاجية العامل الصناعي في عدد من دول الشرق الأوسط، التي تمثل 37 في المائة من إنتاجية نظيره في بعض دول شرق آسيا، و17 في المائة من إنتاجية العامل الصناعي الأمريكي (خطة التنمية التاسعة، ص 161).
- ذكر أيضا "تحذير جدي من صندوق النقد الدولي: السعودية قد تفقد كل احتياطياتها النقدية في أقل من 5 سنوات" (CNN، 26 أكتوبر/تشرين الأول 2015)، الذي اعتمد على أرقام حسابية تمثل الدخل من المورد الرئيس، والنفقات السنوية دون الأخذ في الاعتبار بقية العوامل والظروف التي قد تحدث التغيير. وهنا أقول إن لغة التقرير كانت تحذيرية وليست حتمية ولا يجب أن يعتمد عليها كحتمية.
- كثيرا ما كتب عن موضوعات الفساد، تنويع مصادر الدخل، التستر التجاري، الاستثمار الأجنبي الصوري، نمطية الاستهلاك في المجتمع، الإنفاق الخارجي على السياحة، والتعليم، والصحة في دول خارجية، تحويلات المقيمين وغير ذلك كثير.
كل هذا الذي ذكر، وغيره كثير مما لا يتسع المقام لسرده، يفتح سؤالا عظيما هو: ما الدور الذي قام بها المسؤولون للتنبؤ بتلك المخاطر، أو للتحقق من المخاطر المنشورة أو اتخاذ الخطوات التصحيحية لها؟ وهنا يجدر التأكيد على دور محاسبة ومساءلة المسؤولين التنفيذيين الذين لم يراعوا كل هذه التحذيرات والتنبيهات إن كانت أجهزة الرقابة والمساءلة والنزاهة تملك روحا للعمل. ومع كل هذا النقاش الحاد والتجاذبات غير المتكافئة يظل إعلامنا المحلي في سبات ويخشى عليه أن يكون قد مات فعليا.
الحقيقة التي يجب أن نعترف بها، ولعلها تصل للوزراء بأن هذه التصريحات تسيء أكثر مما تنفع. صحيح أننا نحتاج إلى مزيد من الشفافية والمشاركة بين صانع القرار وبين المتأثرين به. ونحتاج أيضا لمزيد من الحزم والمحاسبة والمساءلة حتى نضمن العدالة، وتكافؤ الفرص، وتحقيق التنمية المستدامة والرفاهية التي تأملها وتسعى إليها القيادة الرشيدة والمواطنون في هذه البلاد. كما يجب أن يهتم المسؤول بأدواته الإعلامية للتواصل مع مختلف الطبقات حتى لا تتحول رسائله من هدف التطوير إلى أدوات تدميرية.
من أجل ذلك يجب أن نسرع خطوات الإصلاح الحكومي، وتفعيل دور الحوكمة في القطاع العام، وأدواتها كالمراجعة الداخلية، والتقارير والإفصاح، حتى نسير بطريق واضح نحو تحقيق "رؤية المملكة 2030".

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي