لكل معتد أثيم: «شباب» الوطن في الحفظ والصون
ملعب مكتظ بالشيوخ والشباب والأطفال، دفعهم حب الوطن قبل الكرة للحضور والتشجيع. ولأن اليوم يوافق يوم عاشوراء، وهذا الشعب مجبول بطبعه على حب الدين والدنيا، فقد كان عفويا ولافتا منظر موائد الصائمين الممتدة حول الملعب، قريبا من مواقف السيارات تحديدا، المقرر لها سلفا من قبل بعض المدفوعين بكل خسة أن تكون مسرحا لعمل إجرامي لا يمكن لأحد أن يتصور حجم مأساته لولا أن قيض الله لهذه البلاد رجال أمن يحيطونها من الخارج والداخل بكل حرص وذكاء، وبكل شجاعة وإباء.
لا جديد في استهداف مقدرات الوطن، فقبل ذلك بزمن وإلى الآن يستهدف شبابه وهم الأهم، من تنظيم عنقودي يتكاثر في ظلمات الشبكات الافتراضية، و"جوهرة جدة" في حقيقة الأمر لم ينج بأعجوبة من هذه المخططات الداعشية على غرار كثير من الحوادث الإرهابية حول العالم، ولكنه نجا بدراية واحترافية أمنية استبقت الفعل بمعلومات أكيدة قبل يومين، ثم بإلقاء القبض على جميع عناصر الخلية وأدواتها قبل ذلك بأربع وعشرين ساعة من موعد المباراة المرتقب.
والمتأمل لمجريات ووقائع المؤتمر الصحافي الذي أعلن فيه عن إحباط هذا العمل الشنيع قبل وقوعه، فضلا عن أسماء مطلوبين آخرين جنبا إلى جنب مع رصد دقيق لعمليات أخرى متفاوتة زمانيا وجغرافيا، يقر بأن العمل الأمني السعودي تجاوز ردة الفعل إلى استباقه ليس بلحظات بل بأيام وشهور، وبعمل نوعي على المستويين المعلوماتي والميداني: معلوماتي يتصدى له بكثير من الدقة والمتابعة اللواء بسام العطية، وميداني شامل يوجزه بكثير من الثقة المخضرم في هذا المجال اللواء منصور التركي.
والمتتبع زمنيا وإجرائيا لتطورات الملاحقة الأمنية لأوكار الظلاميين العابثين بأمن الوطن ومقدراته، يدرك إلى أي مدى باتت ملاحقة الأمن السعودي دقيقة وتفصيلية بدءا بالمعرفات الوهمية الافتراضية، التي يعتقد هؤلاء المجرمون أنها كفيلة بإخفاء هوياتهم، مرورا بالوسطاء الذين يستطيع الأمن تحديد أماكنهم خارج الوطن أو داخله بيسر وسهولة، وصولا لمخابئ هؤلاء العملاء وعتادهم المسلح وسط المدن أو في ضواحيها، مع أخذ كل التدابير والاحتياطات في التعامل الأمني مع كل مخبأ على حدة بحسب موقعه وما يحيط به من منشآت وأرواح مدنيين.
بيانات مفصلة يتم اختيار توقيتها بعناية واضحة؛ حتى لا تؤثر في مجريات العمل الأمني من جهة، ولا في مجريات الحياة الاعتيادية اليومية للمواطن والمقيم من جهة أخرى، تتبعها مؤتمرات صحافية مفصلة بالصوت والصورة والمعلومة الموثقة، التي لا غنى عنها في الشقين الفكري والإعلامي لمكافحة وباء التطرّف، مع أريحية واضحة لاستيعاب تساؤلات الإعلام ومخاوفه إن وجدت بوصف الإعلام صوت المواطن، والجسر المتاح والمهم بين المسؤول والشعب.
يبقى أن الرسالة الأمنية واضحة منذ البدء، وأصبحت أكثر وضوحا اليوم، وستظل إلى ما شاء الله مع هذه الإنجازات المتتابعة، التي تدعو للفخر والثقة يوما بعد آخر.