تقرير دولي حول تمويل الإرهاب: طهران غير متعاونة وعالية المخاطر

تقرير دولي حول تمويل الإرهاب: طهران غير متعاونة وعالية المخاطر
يعد هذا التقرير بمثابة انتكاسة كبيرة لمساعي إيران الرامية إلى استقطاب المصارف العالمية.

أصدرت "فرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية" عند اختتام اجتماعها العام العادي في باريس الأسبوع الفائت "بيانا عاما" حول "الجهات غير المتعاونة والعالية المخاطر" - وهي فئة لا تزال تشمل إيران. وكان الاجتماع الأول الذي تعقده الهيئة الدولية المعنية بوضع المعايير لمكافحة غسل الأموال/ مكافحة تمويل الإرهاب منذ أن علّقت ما سمي "بالدعوة إلى اتخاذ إجراءات مضادة" ضد إيران لسنة في وقت تعمل فيه طهران على تطبيق "خطة عمل" لمواجهة أوجه القصور في أنظمة مكافحة غسل الأموال/ مكافحة تمويل الإرهاب.
ووفقا لـ "كاثرين باور" المسؤولة السابقة في وزارة الخزانة الأمريكية والزميلة في معهد واشنطن للدراسات فقد حثت "فرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية" في بيانها الصادر بتاريخ 21 تشرين الأول (أكتوبر) الأعضاء على "مواصلة توصية مؤسساتها المالية بتطبيق العناية الواجبة لتعزيز التدقيق في علاقات العمل والتعاملات مع أشخاص معنويين وقانونيين من إيران". كما أعادت المنظمة التذكير أن إيران ستبقى ضمن البيان العام إلى حين إكمالها خطة العمل بشكل تام.
ولم يأتِ بيان "فرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية" على ذكر أي تقدّم أحرزته إيران على صعيد تطبيق الخطة التي واجهت معارضة سياسية محلية قوية. وابتداءً من منتصف تشرين الأول (أكتوبر)، كان لا يزال يتعين على فريق عمل خاص من "مجلس الشورى" الإيراني أوكلت إليه مهمة مراجعة الخطة تحديد ما إذا كانت التدابير المطلوبة تتعارض مع المصالح الوطنية.

اعتراضات على خطة العمل
تصدر "فرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية" بيانًا عامًا، حول الجهات المقصّرة استراتيجيًا في مكافحة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب بعد اجتماعاتها العامة في شباط (فبراير) وحزيران (يونيو) وتشرين الأول (أكتوبر) من كل عام. وذُكرت إيران في هذه البيانات منذ عام 2008 عندما قامت المنظمة بمراجعة إجراءاتها للتعامل مع "الجهات غير المتعاونة والعالية المخاطر".
بينما اصدرت "فرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية" في عام 2008 بيانا ذُكرت إيران فيه على أنها دولة غير متعاونة وعالية المخاطر، اصدرت فرقة العمل في عام 2016 بيانين آخرين أقرت فيهما أن إيران أبدت التزامها سياسيا بالعمل على التصدي لأوجه القصور
في بياني شهري حزيران (يونيو) وتشرين الأول (أكتوبر) من العام الحالي، أقرّت "فرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية" أن إيران وافقت - وأبدت في الواقع التزامًا سياسيًا على مستوى رفيع - على تطبيق خطة عمل للتصدي لأوجه القصور الاستراتيجية التي تتعلق بمكافحة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب
وفي بياني شهري حزيران (يونيو) وتشرين الأول (أكتوبر) من العام الحالي، أقرّت "فرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية" أن إيران وافقت - وأبدت في الواقع التزامًا سياسيًا على مستوى رفيع - على تطبيق خطة عمل للتصدي لأوجه القصور الاستراتيجية التي تتعلق بمكافحة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب. في المقابل، أعلنت المنظمة أنها ستعلّق دعوتها لفرض قيود إضافية واتخاذ إجراءات عناية واجبة مصمّمة لحماية القطاع المالي من مخاطر ناتجة عن إيران. غير أنه رغم تعليق هذه الإجراءات المضادة، لم يبرز كثير من المؤشرات على أن الهيئات التنظيمية الوطنية أقدمت على تعديل توجيهاتها للمؤسسات المالية بشأن إيران التي لا تزال تعتبرها جهة عالية المخاطر.
ورغم أن خطة عمل "فرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية" الخاصة بإيران لم تُنشر علنًا، تركّزت اعتراضات المتشددين في طهران على ثلاثة مجالات: (1) تعديل التعريف القانوني لتمويل الإرهاب لكي يتماشى مع المعايير الدولية، (2) والاعتراف بالعقوبات الدولية وتطبيقها، (3) والتعاون الدولي وتبادل المعلومات.

تجريم تمويل الإرهاب
واصل بيان "فرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية" تسليط الضوء على فشل إيران في مواجهة القصور المرتبطة بتمويل الإرهاب، مشيرًا إلى أنه إلى حين معالجة البلاد لهذه المسائل، "ستبقى فرقة العمل قلقة من خطر تمويل الإرهاب النابع من إيران والتهديد الذي يشكّله ذلك بالنسبة إلى النظام المالي الدولي". وفي إطار المساعي الرامية إلى حثّ طهران على تعديل "قانون مكافحة تمويل الإرهاب" المعتمَد عام 2015 لتجريم تام لأنشطة تمويل الإرهاب ووضع قوانين تنفيذية، تتمثّل إحدى المشكلات الرئيسية التي تواجهها "فرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية" ببند يرد في التشريع ويستثني الأنشطة التالية من تعريف الإرهاب: "الخطوات التي تتخذها دول أو مجموعات أو منظمات تحرير بغرض وضع حدّ لأي احتلال أجنبي واستعمار وعنصرية". ويعني ملء هذه "اللائحة البيضاء" المفترضة بالمنظمات الإرهابية أن تمويل كيانات مماثلة لن يُعتبر مخالفا للقانون. وسيتعين على إيران حذف هذا البند لكي يُنظر إليها على أنها لبّت دعوة "فرقة العمل" للدول إلى تجريم الإرهاب بموجب "اتفاقية الأمم المتحدة لقمع تمويل الإرهاب".
ورغم أن المتشددين في طهران يعارضون تغييرات مماثلة إذ يرونها كمساعٍ لخفض تمويل وكلاء إيران الإرهابيين أو قطعه، من المستبعد أن تتراجع "فرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية" عن موقفها بهذا الشأن. وقال مساعد وزير الخزانة الأمريكي دانيال جليزر في معرض حديثه ضمن سلسلة المحاضرات في إطار برنامج ستاين لمكافحة الإرهاب في معهد واشنطن في 13 تشرين الأول "إن قوانين مكافحة تمويل الإرهاب التي تستثني حركات التحرير الوطنية أو أي أنواع أخرى من الحركات لم تكن مقبولة في السابق بالنسبة إلى "فرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية" ولا أتوقّع قبولها في المستقبل". وبرزت حالات مماثلة في الماضي في أمريكا اللاتينية وإفريقيا بشكل أساسي حيث سعت دول ذات إرث استعماري إلى فرض استثناءات على المقاتلين في سبيل الحرية ومجموعات مكافحة العنصرية وفصائل مماثلة. تمثّل إيران بصفتها أكبر دولة راعية للإرهاب في العالم تهديدا نوعيا مختلفا، لذا من المهم أن تتمسّك "فرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية" بموقفها.

التداعيات
في مسعى إلى وضع حدّ للجدال في "مجلس الشورى"، صرّح وزير الشؤون الاقتصادية والمالية الإيراني علي طيب نيا خلال جلسة برلمانية عُقدت الشهر الفائت أن بلاده غير ملزمة القبول بكافة الشروط التي وضعتها "فرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية". واستنادًا إلى تقرير صدر في 27 أيلول (سبتمبر) عن "وكالة الأنباء الفرنسية"، أعلن ما يلي "لن نسمح لأي هيئة دولية بالنفاذ إلى نظامنا الاستخباراتي. لن نقبل بأي تعريف أو أمثلة عن أشكال الإرهاب من أي سلطة غير "مجلس الأمن" التابع للأمم المتحدة". لكن ما قد يثير قلقًا أكبر كان ردّه بأن طهران لا تعترف "بالعقوبات الدولية على أفراد الحرس الثوري ومؤسساته"، ما يشير إلى أن إيران لن تطبّق بالضرورة القيود التي فرضتها الأمم المتحدة. وطالما تستمر إيران في اعتبار نفسها أسمى من المعايير الدولية، فستواجه صعوبات في إقناع الأطراف المقابِلة المالية بمدى جديتها في الالتزام بالمعايير الدولية.
وخلال الفترة المقبلة، ستحتاج إيران إلى إيجاد طريقة لتطبيق خطة العمل قبل حزيران (يونيو) 2017، وهو التاريخ الذي ستعيد فيه "فرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية" فرض إجراءات مضادة. وحتى في حال حقّقت طهران نجاحًا على هذه الجبهة، لا يزال يتعين عليها معالجة مصادر القلق الأخرى الكثيرة التي تعتري المصارف الحذرة حيال مزاولة الأعمال مع الجمهورية الإيرانية؛ بالفعل ستبقى بعيدة كل البعد عن التقيّد الكامل بمعايير "فرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية" ناهيك عن الالتزام بغيرها من المتطلبات التنظيمية الدولية المعتمدة خلال هذا العقد منذ الأزمة المالية العالمية. مع ذلك، يُعتبر العجز عن اتخاذ هذه الخطوة الصغيرة الأولى حتى بمثابة انتكاسة كبيرة لمساعي إيران الرامية إلى استقطاب المصارف العالمية.

الأكثر قراءة