رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


بين الحق .. والغضب

فينا من يحمل قلبا مستقيما لا يخرجه غضبه عن الحق، ومنا من يخرجه غضبه عن الحق فيرديه، ويزدريه في أعين الناس، وبما يعجز عن براءة ذمته منه، عندما تختصم الخصوم بين يدي الله الذي يعلم السر وأخفى..!
لا يسلم عاقل من كلمة (سفه) من حق قائلها علينا، أن يقال منها إن استقال، وأن يغفر له متى ما استغفر منها، ومن حقه الأصيل ألا يعير بها، ومن حقه ألا يستجلب عليه العقوبة، ولا يطلب له الجزاء لأن كل توبة غافرة لما سبقها من ذنب، ولأن الله جعل من الفرائض الواجبة ستر السيئة، وحرمة هتك العبد، أو تعييره بذنبه وخطيئته إن استقال منها، أو استتر بها.
الغضب يجردنا من الحق أحيانا، فحتى لو - سلمنا - بأن بعض الوزراء حرم التوفيق في - التعبير - أو في الاختيار لقناعاته التي استقبل بها الناس أو قال ما يثير غضبهم عليه..!
رأيت هذا لا يبرر كل هذا الهتك لحرمته، وكرامته الإنسانية، والسقوط في كل - صور الفجور في الخصومة - وهي الصفة - التي جعلها النبي من علامات النفاق - الخالص – بحسب رواية عبد الله بن عمرو. والفجور في الخصومة، التي هي شعبة من شعب النفاق هي الميل عن الحق، والخروج منه، وهي تعني فعل كل السبل غير المشروعة في نيل ما يريد، وكي يصل لما يطلب، أو كي ينتقم ممن يكره ويبغض..!
تمنيت ألا تنتهك حرمة - الحياة الشخصية - لأي شخصية عامة تقع في خطأ، أو نختلف معها في - رأي - أو فهم للواقع، أو اختلاف في الحكم عليه. تمنيت أن يكون النقد كبيرا، ورفيعا عن الشتيمة، والتعيير بالبدايات المتواضعة، أو الرجوع إلى - التحولات - الفكرية، والثقافية له، إن هذا كله لا صلة له - بزلة اللسان - أو بخطأ التعبير أو بسوء التدبير، أو بضعف الأمانة إن وجدت..!
خصوماتنا تعوزها - الرفعة أيها الناس..!! ينبغي ألا ننتظر أن يحترمنا العالم، طالما نحن عاجزون بكل هذا العجز من احترام بعضنا بعضا، إننا عاجزون عن السيطرة على غضبنا، وردود أفعالنا، وإننا فعلا عاطفيون، ومنفعلون دون رحمة، ولا سيطرة، بما ينتهي لتدمير (أسرة بأكملها) أو (وإنسان بكل جذوره وتاريخه وحسناته).
لا أريد من أحد أن يكون ملاكا.. ولكني أتمنى أن أجده، عادلا، فإن عجز عن العدل، فلا ينبغي أن يتجرد من الرحمة..! أشعر بالخوف والذعر الشديدين، وازداد خوفي حين أبصرت - إمام مسجد - يبارك للناس شراستهم.. وقلة رحمتهم.. حتى بقلوب الأمهات والأطفال.. وكل امتداد هذا الإنسان الذي يتحول إلى (مستباح) كرامته، وأسرته، وتاريخه وضعفه وأخيرا إنسانيته..!
ينبغي ألا نقع في خطأ أكبر من خطئه، وينبغي ألا نرتكب ذنوبا هي أكبر من ذنبه، وينبغي أن نتعلم الرقي والتسامي حين نختلف، أو نخبر عن فساد، أو خطأ، أو اختلاف في رأي. وينبغي أن نخبر الشيخ الذي يبارك للناس قسوتهم، وقلة رحمتهم بغيره.. أن من يربي القسوة سيكون في يوم ما واحدا من ضحاياها.. ولن يجد رحيما بالقرب منه يقيله أو يغفر له أو يتفهم أن لأسرته قلوبا بريئة من حقها ألا تتألم بالشتيمة دون ذنب وبلا خطأ.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي