رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


تطوير الذات

تسيطر حالة من الانزعاج الشديد على الأشخاص عند التفكير في مستقبلهم ووضعهم الاجتماعي والاقتصادي الحالي والقادم. جزء مهم من هذه المنظومة المسيطرة في هذا العصر بالذات هو شدة التنافس بين الأقران والمجالات الكبيرة التي فتحت أمام المتفوقين، والمجالات المتعددة التي يحتاج الشخص إلى أن يسيطر عليها في الوقت نفسه.
كلما كان عمر الشخص أكبر زادت حاجته إلى بذل مزيد من الجهد في سبيل اللحاق بالآخرين الذين يصغرونه سنا. نحن اليوم في عصر يرى فيه الصغار فينا كما كبيرا من التراجع، والسبب الأهم هو سيطرة التقنية وسرعة تغير مكوناتها، وهذا يجعلنا بحاجة مستمرة إلى ملاحقة التطور والتفاعل معه.
تطوير الذات هو واحد من أهم الوسائل التي تمكن من خلالها الصغار أن يستأثروا بأموال الكبار. إن النظريات التي نشاهدها اليوم، والعروض التي تلاحقنا في البريد الإلكتروني ومواقع التواصل والتطبيقات المختلفة هي في واقعها محاولات تبنى على الخوف الذي يسيطر على الناس في محاولة مماشاة العصر والتفاعل مع مكوناته من تقنيات ونظريات مختلفة تظهر كل واحدة منها لفترة محدودة ثم تفسح المجال لغيرها في عملية ابتزاز ذهني ووظيفي مستمرة.
دورات تطوير الذات التي تبنى على البحث عن عناصر الضعف البشري وتروج لأفكار منظرين معينين هي في واقع الأمر محاولات لسد الفراغ الذهني الذي يشعر به كثيرون وهم يرون مزيدا من الفرص تغادر لصالح آخرين أو يشاهدون الترقيات تتعداهم ليحصل عليها أشخاص حاصلين على شهادات في اكتشاف القدرات الشخصية والبناء عليها.
النظريات التي يتبناها كثيرون تعتبر من الأسس العلمية في مجال علم النفس الوظيفي، يضاف إليها مزيد من الذكاء العاطفي وطرق العرض الذكية والمؤثرة، فيتحول المشاهد إلى داعم لرواج النظرية التي حصل على دورة من مدرب معين فيها.
تبقى العناصر البشرية التي يبني عليها المدربون، التي تشمل الإبهار والاختيار الذكي للعناوين والأمثلة الحياتية عناصر مهمة في التأثير على المتلقي، هذا لا يعني أبدا أن هذه النظريات ستؤتي أكلها وإلا لاكتفى الحاصلون على دورة واحدة بما تلقوه وتفرغوا لجمع الملايين، كما لا يعني بأي حال أننا يجب أن نبقى راكدين ونتلقى الضربات عن الشمال واليمين وإنما يدفعنا لأن نكون أكثر ذكاء في تفسير وقراءة ما يحاول الآخرون أن يقنعونا به.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي