اقتصاد السعودية ينتزع ثقة العالم
قبل إصدار السعودية لسنداتها الحكومية في الأسواق الدولية كان هناك مخاوف من فشل الطرح، وقالت أكثر من وكالة أنباء عالمية إن التوقيت "غير جيد"، فسوق السندات العالمية يمر بحالة ضعف في الطلب قد تفشل باكورة السندات الحكومية السعودية، ولكن المسؤولين في المملكة لم يكترثوا لكل تلك التحليلات ولا التحذيرات، وطرحوا السندات في الوقت التي يراه كثيرون "سيئا" وغير ملائم.
في مطبخ التحرير في "الاقتصادية" وفي أثناء تغطية الحدث المهم للمملكة وهي تعمد لأول مرة في تاريخها إلى طرح سندات سيادية للبيع في الأسواق الدولية كان القلق يحيط بكل الزملاء، وكان السؤال الدائر بينهم "هل سننجح؟ وهل ستقبل الأسواق الدولية السندات وهي تمر بحالة تراجع في الطلب عليها؟".
وعندما طرحت السعودية سنداتها في الأسواق الدولة، وأظهرت وكالات الأنباء الطلب التاريخي وغير المسبوق عليها، الذي بلغ نحو 67 مليار دولار مقتربا من الرقم القياسي الذي يربو على 69 مليار دولار والمسجل باسم الأرجنتين، كان الفرح عارما في صالة تحرير "الاقتصادية" بين الزملاء، وحالة الفرح تلك لم تأت من أجل بضعة من المليارات من الدولارات التي ستجنيها المملكة من الطرح، فهو مبلغ تافه بالنسبة لاحتياطات المملكة الكبيرة، التي تتجاوز هذا الرقم بعشرات الأضعاف، بل كان الفرح نتيجة ثقة العالم من حكومات وشركات ومصارف ومستثمرين في متانة وقوة الاقتصاد السعودي التي دفعتهم لطلبات اكتتاب تاريخية وقياسية.
نعم، رأس المال جبان وصاحبه المستثمر أجبن منه، ولا يمكن له الاستثمار في السندات الحكومية السعودية ما لم يصاحبه ثقة مطلقة بمتانة وقوة الاقتصاد السعودي وقدرته على التغلب على كل الأزمات والعثرات، وثقته التامة أيضا بالإصلاحات الحكومية التي تنتهجها الدولة حاليا في اقتصادها وقدرتها على تنويع مصادر الدخل وفق خطتها الطموحة التي أطلقت عليها مسمى "رؤية السعودية 2030".
ذلك الإقبال الكبير على السندات الحكومية يدحض كل الادعاءات التي تتحدث عن ضغوط على الاقتصاد السعودي، وتدحض كل مخاوف ما أسماه البعض بـ "الإفلاس"، فدولة تنتمي لمجموعة العشرين التي تتحكم في 90 في المائة من الاقتصاد العالمي، لا يمكن أن تطرح سنداتها إلا ويكون الإقبال كبيرا بقدر ملاءتها المالية ومتانة وقوة اقتصادها.