صندوق «الرؤية» .. والمستقبل التقني

من أبرز ما تتمتع به "رؤية المملكة 2030"، أنها حاضنة متنوعة للاستثمارات سواء المحلية أو الخارجية. وهي كبيرة إلى درجة أنها تستوعب التدفقات المالية الاستثمارية بصرف النظر عن حجم هذه التدفقات. يضاف إلى ذلك، أنها توفر فرصا تقليدية وأخرى تحاكي المستقبل، سواء من حيث أدواتها أو معاييرها أو طبيعتها. وتتصدر التكنولوجيا هذا الجانب، خصوصا أن المملكة أولت أهمية كبيرة لها، لأسباب تتعلق باستحقاقات محلية وعالمية، فضلا عن أنها جزء أساس في عملية التنمية الشاملة، إلى جانب روابطها الإقليمية والعالمية أيضا، أي أن القطاع التكنولوجي يمثل حجر الزاوية في الاستراتيجية التنموية الشاملة للمملكة، وسيظل بهذه الأهمية من خلال استثمارات سعودية هائلة واستثمارات أجنبية مماثلة. إنه القطاع الذي يحتضن المستقبل التنموي.
من هنا جاء تأسيس صندوق "رؤية سوفت بنك" متماشيا مع معايير الرؤية الشاملة للمملكة، رغم أن الاستثمار السعودي في قطاع التكنولوجيا في الخارج يعد في حد ذاته تطورا كبيرا. وهذا يعني ببساطة، أن السعودية مقبلة على مرحلة محورية في هذا المجال، لأن مثل هذا الحراك سيحولها إلى أن تكون لاعبا رئيسا في المجال التكنولوجي على الساحة العالمية ككل. والاتفاقية التي تمت بين صندوق الاستثمارات العامة والمجموعة اليابانية الشهيرة "سوفت بنك"، وفرت قوة دفع أخرى لمسيرة التحول في المملكة. خصوصا أن ربطها بـ "رؤية المملكة" جاء سلسا وطبيعيا في الوقت المناسب. ومثل هذه الصفقة سيؤدي حتما إلى صفقات – اتفاقيات مماثلة تدعم الحراك في هذا النطاق بصورة أكبر في المرحلة المقبلة. أي أن النطاق العام للحراك مفتوح بالصورة المطلوبة لتحقيق الأهداف الخاصة به، وتلك المرتبطة بالرؤية الشاملة وبرنامج التحول العام. يضاف إلى ذلك، أن صندوق "رؤية سوفت بنك"، يأتي ضمن سلسلة من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي تم التوصل إليها خلال الزيارة المهمة التي قام بها الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد لليابان، في إطار تحركه على عدة محاور عالميا شرقا وغربا. وهذا يوفر للصندوق دفعا أقوى من الناحية الاستراتيجية، ويعزز حراكه في المستقبل. والأهم أنه يدخل ضمن إطار مخططات تنويع مصادر الدخل الوطني، هذا التنويع الذي بات منذ سنوات على رأس الأولويات مع التغييرات المحلية والإقليمية والعالمية، والتحولات على الساحة الاقتصادية، من بينها بالطبع التراجع الهائل لأسعار النفط الخام.
وإذا ما نظرنا إلى مكانة مؤسسة "سوفت بنك" على الساحة اليابانية، فإننا نفهم أهمية هذا الصندوق، لأن المصرف المذكور يأتي في المرتبة الثالثة كأكبر شركة مساهمة في البلاد بعد مؤسستي "تويوتا" و"ميتسوبيشي". واعتبر عدد من المختصين الدوليين صندوق "رؤية سوفت بنك"، أنه يعبر مباشرة عن فهم الرياض لاتجاهات الاقتصاد العالمي. ولهذا السبب ولأسباب أخرى عديدة وضعت القطاع التكنولوجي على رأس الحراك التنموي الاستراتيجي في البلاد. خصوصا أن التكنولوجيا المستهدفة من خلال هذا الصندوق لا تتوقف على نوع محدد أو عدة أنواع في هذا القطاع، بل تشمل القطاع كله. وبالطبع، سيمضي الصندوق المشار إليه قدما في الاستثمار على المستوى العالمي، أي أن عمله لن يقتصر على منطقة محددة. دون أن ننسى العوائد الضخمة أيضا للاستثمار التكنولوجي بسبب توسع نطاق القطاع وتنوع أدواته.
إن تطور التكنولوجيا الحتمي لم يعد من المستقبل، بل ما بعد المستقبل، إن جاز التعبير.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي