رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


ثقة العالم بسندات السعودية

أبدت الحكومات والمؤسسات والأسواق العالمية اهتماما بالغا بالسندات السعودية الكبرى التي انطلقت أمس على أرضية عالمية. واندفعت الجهات المشار إليها باهتمامها هذا، حتى قبل أسابيع من الطرح الفعلي للسندات، نظرا لما تمثله المملكة من أهمية اقتصادية إقليميا وعالميا، واستنادا إلى حراك التغيير الاقتصادي الهائل فيها من خلال "رؤية المملكة 2030" وبرنامج التحول الكبير المصاحب لها. إضافة طبعا إلى السمعة الائتمانية التي حافظت عليها السعودية طوال العامين الماضيين اللذين شهدا هبوطا تاريخيا لأسعار النفط الخام، بفعل إصرار سعودي (في الواقع) على دفع السوق النفطية لإصلاح نفسها، والتحول إلى سوق أكثر استقرارا واستدامة وعدالة من حيث الإنتاج والأسعار معا.
ودخول المملكة سوق السندات، لا يشبه دخول أي دولة أخرى في المنطقة لهذه السوق، نظرا لأن السعودية تتمتع بأكبر اقتصاد عربي، وباحتياطيات مالية كبيرة، وسيولة مالية جيدة أيضا. والسندات الجديدة تدخل في الواقع ضمن إطار تخفيف الضغط على السيولة، وبالطبع مواجهة العجز في الموازنة العامة. فقد بلغ الدين العام في البلاد 142 مليار ريال خلال 2015، بعد إصدار سندات حكومية بـ 98 مليار ريال استثمرت فيها المؤسسات المحلية. والذي يضيف أهمية على الطرح الجديد للسندات السعودية أنها تباع على المدى القصير والمتوسط والبعيد، وبتكاليف مقبولة جدا. وهي بعوائد تقف عند 2.85 و3.6 و4.87 في المائة. في حين اعتبر مستثمرون أجانب، أن التسعير الراهن جيد ومتوازن أيضا.
وأياً كان حجم الطلبات على السندات السعودية (الذي قدر بأكثر من 50 مليار دولار)، فإن طرح المملكة هذا يدخل بسلاسة ضمن إطار الرؤية الشاملة، ويعزز العمل في آليات التحول. فمع حلول 2020 سيكون برنامج التحول مستوفيا لكل المعايير والشروط والأهداف التي وضعت له. والسندات عنصر مهم في العملية كلها، خصوصا لما تتمتع به البلاد من مستوى ائتماني مرتفع ومستقر. وهذا الدين يأتي ضمن استراتيجية تحتوي على تسجيل وإصدارات الدين العام عبر منصة السوق المالية "تداول"، وذلك وفق ما أعلنته وزارة المالية. إنها خطوة جاءت في وقتها بالفعل، كما أنها تفسح المجال أمام خطوات أخرى مماثلة في المستقبل، طالما أن أدوات الدين تتوافق مع الأطر والتشريعات المحلية.
ولا تبدو أي تأثيرات سلبية على الطرح السعودي من السندات، سواء بسبب الاضطرابات في المنطقة أو تراجع أسعار النفط، وهذا يعود إلى متانة المخططات الاقتصادية الاستراتيجية التي اعتمدتها البلاد وبدأت بالفعل في تنفيذها، مع حراك على أعلى المستويات لاستقطاب مزيد من الاستثمارات، من خلال رفع عدد الفرص المتاحة ضمن الاقتصاد الوطني. والسندات في هذا المقام لا تطرح كغاية، بل كوسيلة لعملية بناء الاقتصاد الوطني بصورة توائم المتغيرات والاستحقاقات أيضا، وسد العجز في الموازنة العامة بأقل التكاليف الممكنة. وهذا ما تقوم به عادة كل البلدان التي حققت قفزات مهمة وتاريخية على الصعيد الاقتصادي، مع ضرورة الإشارة، إلى أن إصدارات أخرى ستطرح في الساحة الاقتصادية العالمية، بما يتوافق مع الرؤية والمنهج العملي.
ستكون نتائج هذا الإصدار الكبير (ليس فقط بحجمه ماليا، بل بحجم الجهة المصدرة له)، حديث الأوساط الاقتصادية عالميا، ولاسيما أنه طرح في الولايات المتحدة وأوروبا. والمؤشرات كلها تؤكد نجاحه لكل الأسباب السابقة.
إن الإقبال الزائد على طرح السندات في الأسواق العالمية دفع السعودية إلى خفض التسعيرة، إضافة إلى زيادة حجم الإصدار، وهذا الوضع الإيجابي يعكس الثقة الكبيرة التي يتمتع بها الاقتصاد السعودي في أوساط المستثمرين الدوليين.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي