الخلافات والود القائم

الأحوال في العالم العربي، بل في العالم أجمع تتسم في السنوات الأخيرة بالشد والجذب. ولعل الاستقطاب قد وصل إلى مرحلة تجعل القلق يتزايد. التحالفات تختلط بشكل شديد، ومتناقض أحيانا.
وهذا ما يجعل الصورة تبدو مربكة للكثيرين. وحتى المفهوم الخاص بالصداقة صار يزدحم بتناقضات متعددة. الأمور تتعقد، فتجد أن هناك اتفاقا بين بلدين على قضية، واختلاف بينهما في قضية أخرى.
وهذا الخلاف يصل أحيانا إلى درجة التصادم. وحتى في البلد الواحد تجد أن هناك استقطابا بين هذا التيار أو ذاك.
والمشكلة أن هذا الارتباك أشاع اجتهادات وتباينات وخروقات يخوضها من يمكن تسميتهم وزراء خارجية العرب على تويتر.
ووزراء خارجية العرب على تويتر، ليس المقصود بهم الوزراء المعينين من قبل حكوماتهم، بل المقصود الملايين من المغردين الذين تقمصوا أدوار وزراء الخارجية وراحوا يعيشون تراشقا متواصلا.
من يتابع حال تويتر العربي، وحال كثير من الفضائيات العربية الخاصة، يكتشف أننا نشهد طفرة كلامية تتناغم مع المرحلة السيئة التي يعيشها العالم العربي. فالتحريض ضد هذا البلد أو ذاك، والدعوات لقطع العلاقات، والشماتة وإطلاق الشتائم، تعكس مرحلة أخلاقية متدنية أوصلتنا إليها الصورة البائسة التي يعيشها الشارع العربي، الذي تشرب خدعة الربيع العربي، وأصبح أسيرا لمرحلة التثوير والتهييج التي تمت برمجة العقول عليها.
وقد قدمت لنا فضائيات عربية مجموعة من المحتالين الذين يقدمون أنفسهم باعتبارهم محللين، وبدلا من أن يسعوا للجمع والألفة، أصبحت لغتهم تفتش عن التفريق، وتحرض على القطيعة. إن العالم العربي يمر في محنة صعبة، وخروجه من هذه المحنة يحتاج إلى حكمة وحنكة المملكة وعدد من دول الخليج العربي.
إن هذه الحنكة والحكمة تتعرض في الوقت الحالي لهجمة شرسة وضاغطة، إذ تتصيد أخطاء دول عربية، وتسعى لتحريض دول الخليج العربي ودفعها لقرارات لا مصلحة لنا فيها. قد نختلف مع بلد صديق في قضية واحدة، ونتبادل العتب فيما بيننا، لكن من ينفخون النار تحت الرماد في انتهازية أيديولوجية لا تخفى على أحد، لا يمكن تصديقهم، لأن مواقفهم معروفة، وخيبتهم بانحسار تأثيرات ما يسمى الربيع العربي ظاهرة، ولا يمكن الثقة بأي تحليل يقدمونه، لأن شق الصف في علاقات العرب يتسق مع أمانيهم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي