رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


سوق النفط لا تحتمل «شريكا مخالفا»

لا يمكن أن يمضي أداء الأسواق سليما إذا ما تعرضت للصدمات. وهذه الأخيرة لا توفر حالة مستقرة لهذه الأسواق، بل تسهم بصورة سلبية (وأحيانا خطيرة) في مسيرتها. وإذا كانت هناك أزمة فيها، فإنها تضيف أزمة جديدة ولا تخفف أو تزيل الأولى. هذه هي الحقيقة التي يعرفها كل من له علاقة عملية بالسوق، بصرف النظر عما توفره هذه السوق من سلع أو خدمات أو غيرها. والسوق (أي سوق) تحتاج إلى سياسات متوازنة، تأخذ في الاعتبار المستجدات والمتغيرات، بعيدا عن الصدمات والهزات. وفي الماضي حدثت أخطاء على مستوى السوق العالمية، بسبب اتباع أسلوب التحول الجذري أو المتطرف في مسألة ما. ولم تسلم سوق من الآثار السلبية لمثل هذه الأخطاء.
السوق النفطية ليست مضطربة، ولكنها (كما يعرف الجميع) تعاني فائضا إنتاجيا هائلا أثر بصورة سلبية مباشرة في أسعار الخام في كل المناسبات. ولكي تعود الأسعار إلى وضعية مقبولة وعادلة للمستهلكين والمنتجين، كان لا بد من اتفاق على خفض الإنتاج أو على الأقل تثبيته وقراءة آثار هذا التثبيت قبل الانتقال إلى خطوة أخرى. الفائض كبير، ليس من جهة بعض الدول المنتجة ضمن منظمة الأقطار المصدرة للنفط "أوبك" فقط، بل من البلدان المنتجة خارجها، وهي دول لا تخضع لمعايير المنظمة المذكورة، وتسهم في قلب موازين السوق عن طريق إغراقها بالخام. ولم تتعاون طوال العامين الماضيين مع الدعوات بتثبيت إنتاجها، ما زاد من إرباك السوق بصورة متواصلة، أدى بالتالي إلى آثار سلبية خطيرة في موازنات كثير من البلدان المنتجة.
ورغم أن خفض الإنتاج يعتبر خطوة مهمة إلى الأمام لنشر التوازن المطلوب في السوق، إلا أن العملية تحتاج إلى روية أيضا. وهذا ما أكد عليه المهندس خالد الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية السعودي.. الذي أوضح أن خفضا كبيرا للإنتاج قد يؤدي إلى حدوث صدمة ليس مرغوبا فيها لا الآن ولا في المستقبل. والمسألة بسيطة بالفعل، إذا كان هناك سعر مستهدف للنفط، يمكن على أساسه العمل على خفض أو تثبيت الإنتاج، غير أن الصعوبة هنا لا تكمن في "العثور" على السعر العادل لبرميل البترول، بل في طبيعة تعاون جميع الدول المنتجة مع المساعي الهادفة لإيجاد التوازن المطلوب في السوق. ويكفي النظر إلى موقف إيران غير المتعاون في هذا المجال، إلى جانب دول أخرى خارج "أوبك"
تعتقد الرياض أن 60 دولارا لبرميل النفط، سعر عادل وواقعي مع حلول العام الجاري، وتتحرك حاليا ليس لتثبيت السعر المشار إليه، بل على ساحة العرض والطلب. ومهما كانت الطروحات ذات أهمية وواقعية، فلا معنى لها إذا ما كان الوضع مختلا بين العرض والطلب، وهو كذلك بالفعل منذ أكثر من عامين تقريبا. المهم عدم المغالاة في تقييد الإنتاج، والأهم التعاون الضروري بل المحوري لكل البلدان المنتجة داخل وخارج "أوبك". لا يمكن بأي حال أن تتحقق الأهداف في هذا المجال، إذا ما كان هناك معطل لحراك إصلاح السوق، ومعيق لاستراتيجية تهدف السعودية أن تكون مستدامة لأطول فترة ممكنة. الإغراق "كالشح" لا يصنع التوازن، بل يزيد من اضطراب السوق أكثر، ويجعل مهمة الإصلاح المنشودة أصعب. هذه المسألة لا تحتمل "شريكا مخالفا"، بل متعاون ليس من أجل غيره بل من أجله مباشرة. فنتائج الفوضى النفطية تنال من الجميع، لكنها تنال من جهات أكثر من جهات أخرى.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي