المسؤول القدوة .. وربط حزام الأمان
تداولت وسائل الإعلام الأسبوع الماضي صورة للأمير سعود بن نايف، أمير المنطقة الشرقية، وهو يربط حزام سلامة المرور أثناء ذهابه إلى مكتبه. وهو بطبيعته إنسان متواضع يتوقف عند إشارات المرور كأي مواطن عادي. والشاهد هنا حرصه على التقيد بنظم المرور التي تضمن بإذن الله سلامة الراكب. فحري بنا - نحن المواطنين - أن يكون أمير المنطقة قدوة حسنة لنا ونحرص على ربط الحزام من أجل سلامتنا. ولعل كثيرين لا يعلمون أن ربط الحزام يخفف بإذن الله أكثر من 70 في المائة من حدة الإصابات المرورية. تصور الحوادث التي تكثر معها الوفيات والإصابات المقعدة عندما تخف بقدرة الله بنسبة عالية. وهذا حسب دراسات وتجارب علمية أجرتها مؤسسات متخصصة بأمور السلامة الشخصية. وشركة أرامكو السعودية من ضمن تلك المؤسسات العالمية، بما لديها من خبرة طويلة في مجال قواعد السلامة.
إن استنزاف أرواح شباب في عمر الزهور، بتركهم على هواهم يقودون مركباتهم بتهور منقطع النظير، فلا تعليم أساسيا لأصول السلامة المرورية، بادئ ذي بدء، ولا مراقبة مقرونة بعقاب لمن يخالف الأنظمة التي وضعت أصلا من أجل سلامة الجميع. وعندما تم تطبيق "ساهر"، كان الظن أنه سوف يكون حلا لكثرة حوادث المرور. ولكنه لم ينجح في ذلك، وكنا نتمنى لو أن عوائد "ساهر"، على قلة فائدته، تذهب إلى مشاريع توعوية عامة ونشر الثقافة المرورية بين أفراد المجتمع عبر وسائل الاتصال المرئية والمسموعة والمكتوبة. وحتى لو أضيف لها عشرة أمثالها من خزانة الدولة ومن الجهات الخاصة والعامة التي لها مصلحة مادية من تقليل عدد وحدة الإصابات البدنية، لكان ذلك مجديا اقتصاديا وإنسانيا. فمثل وزارة الصحة وشركات التأمين وبعض المؤسسات الوطنية والشركات الكبيرة، لا إخال تلك المؤسسات المتضررة من الحوادث إلا مرحبة بالفكرة مع استعداد تام للمشاركة، إذا تبلغت بطريقة علمية وتحددت الأهداف المرجوة. والكل رابح. الله منحنا عقولا نفكر بها ونقرر مصيرنا بواسطتها، بعد الاتكال على الله. نحن نفقد حاليا سنويا فردا مقابل كل ثلاثة آلاف مواطن. وهي نسبة عالية بكل المقاييس. ناهيك عن الخسائر المالية السنوية التي تزيد بكثير عن 20 مليار ريال.
فلو تفادينا 10 في المائة من الحوادث الشنيعة لبلغ توفير المال ملياري ريال. وهو أضعاف ما سوف نصرفه على تنفيذ مشروع التوعية والمراقبة، إضافة إلى الحفاظ على الأنفس البشرية وتقليل آلام الأمة التي لا تقدر بثمن. والمستقبل كفيل بأن يعكس اتجاه بوصلة عدد الإصابات المتصاعد. وهذا ما حصل في بعض الدول التي أولت حوادث المرور اهتماما خاصا. فمنها ما أوقف النمو المخيف في عدد الحوادث وبعضها استطاع تخفيض الإصابات سنويا. ذلكم العالم المتحضر، الذي يعمل جاهدا من أجل سلامة مواطنيه. تقول إحدى إحصائياتنا إن أكثر من 450 شابا يفقدون أطرافهم سنويا بسبب حوادث المرور. وماذا عن الإصابات المقعدة الأخرى، حمانا الله وإياكم؟
تخيلوا الشباب في مقتبل العمر، مع قلة خبرتهم في الحياة يقودون مركباتهم بسرعة جنونية قد تصل إلى ما بين 160 و180 كيلومترا في الساعة ودون ربط للحزام. ماذا سوف يحدث لهم لو لا قدر الله حصل خلل أو عطل في المركبة، تسبب في انقلابها عدة مرات؟ إنه أمر فظيع ومخيف، في غياب ربط الحزام. الإنسان الذي لا يستوعب ما نعنيه في هذه العجالة لديه خلل في التفكير والعياذ بالله، نسأل الله له السلامة.
وعلى الطرف الآخر، المعلمات اللاتي يذهبن يوميا إلى مناطق نائية في ظروف مرورية ونفسية وبدنية لا تساعد على الاطمئنان على سلامتهن. ولا تمض أسابيع إلا ونحن نسمع عن حادث مروع أودى بحياة معلمات كن في ذهاب أو إياب إلى مقار عملهن البعيدة. وتجد أن معظمهن أو ربما جميعهن لا يستخدمن رباط حزام الأمان، مع أنهن محسوبات على الفئة المتعلمة والمتنورة من أفراد المجتمع. ولكن، على الرغم من ذلك، ليس من السهل إقناعهن بما يجب أن تكون عليه حالهن أثناء السفر من أخذ بالأسباب التي تحميهن من مصادفات المرور. والملامة لا تقع على عواتقهن وحدهن، رغم أنهن المتضررات من الحوادث ولكن إدارة ورجال المرور يتحملون القسط الأكبر من عدم تقيد أفراد المجتمع بقواعد السلامة المرورية. فلا توعية اجتماعية ولا مراقبة ميدانية ولا عقاب لمن يخالفون أنظمة المرور. وبالمناسبة، هل ترك ربط الحزام يعتبر مخالفة مرورية؟ ومع شكنا في ذلك، ما العقوبة المترتبة على عدم ربط الحزام؟ نحن بحاجة إلى برامج توعوية على كل المستويات وبواسطة جميع الوسائل المتاحة، من البث الفضائي والإذاعات والنشرات المكتوبة. ما الذي يحول دون ذلك ونحن نملك الرغبة والمال؟ كل ما ينقصنا هو التخطيط والتنسيق. فإذا كان هذان العاملان غير متوافرين لدى إدارة المرور، وهي المسؤول الأول بحكم طبيعة وظيفتها، فلا أقل من أن تستعين بخبرات الشركات الكبرى في المملكة.
هناك آمال معلقة على التحول من المركبات التي تسير بواسطة الوقود البترولي الذي يسمح بممارسة السرعات العالية إلى المركبات الكهربائية، محدودة السرعة، وما سوف يلي ذلك من التطور التكنولوجي الذي يتيح انتشار مركبات دون سائق، وهي موجودة الآن ويتوقع لها مستقبل باهر خلال سنوات قليلة. وفي كلتا الحالتين سوف يساعد ذلك على تقليل الحوادث المرورية بنسبة مرتفعة.