رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


مكارم الأخلاق.. والمرور

من المظاهر غير المفهومة في السلوك المروري لدى عدد من سائقينا، الرفض النفسي لمسألة إيقاف المركبة أثناء القيادة. هذه الممانعة حتى آخر لحظة تجدها تظهر في الطرقات، عند التقاطعات، وأمام المطبات الموضوعة أساسا لتهدئة السرعة.
وهذه الممانعة تمتد لتشمل الوقوف لعابري الطريق. ونتيجة لذلك تحصل حوادث دهس ما كانت لتحدث لو توافر الحد الأدنى من التعامل الواعي مع المركبة من قبل السائق.
التهور واللامبالاة في قيادة السيارة، والتهاون في التعامل مع حق الطريق، ومراعاة حقوق المشاة في العبور بسلام، كل هذه الأمور تغيب نتيجة عدم وجود محاسبة جادة للمتجاوزين.
المحصلة إن لدينا أنظمة رائعة، يمنع من الالتزام بها عدم تفعيلها. إذ يندر أن يتم مجازاة سائق لأنه لم يتوقف كي يسمح للمشاة في العبور. أو لكونه دخل على الطريق الرئيس بشكل مباشر دون أن يتوقف بشكل كامل ليتأكد من عدم وجود سيارات قادمة.
الذين يتحدثون عن صناعة الوعي، يجهلون أن الحديث هنا يدور حول بدهيات، ولا أحد يجهل هذه البدهيات، لكن الغالبية يتفقون على مسألة واحدة: في ظل عدم وجود من يحاسبني على هذا السلوك العام، لماذا يتوجب علي أن ألتزم به؟
لعل أكثر الإجابات إقناعا، كانت قول أحدهم: لا تطلب مني أن أتوقف، كي يعبر المشاة، لأن السيارة القادمة من خلفي سوف تصطدم بي.
نعم احتمالية حدوث هذه كبيرة، فلا أحد يرغب في إيقاف سيارته حتى آخر لحظة. وبالتالي فإن النتيجة تزايد الحوادث التي تحصل لأن كل واحد ينتظر من الآخر أن يتوقف. إنه رهان على من يخاف أكثر. مسألة الأولوية لمن لا أحد يتذكرها في الغالب.
حتى حوادث الدهس تحصل لأن سائق المركبة يعتمد على تخويفه لعابر الطريق ورهانه على هذه القوة. علينا أن نتذكر أن حوادث الدهس ذهب ضحيتها خلال هذا الشهر مثلا رجل إسعاف كان يؤدي مهمته لإنقاذ روح إنسان تعرض لحادث. وقبل أن يتم مهمته جاءته شاحنة لتدهسه.
كما ذهب ضحيتها عابر بريء خرج من المسجد بعد أن أدى صلاته، ليلقى مصرعه على يد متهور يرى أنه يمتلك السيارة والطريق التي يسلكه ولا حق لسواه في السير، حتى لو كان هناك خط مشاة ولوحة تحذير تطالبه بالتهدئة والتوقف.
وطالما أنه لا أحد يتوقع محاسبة المرور له بسبب هذه التجاوزات، فإنني اليوم أود أن أخاطب السائقين، وأتمنى فعلا منهم أن يكونوا قدوة حسنة، بدلا من أن يسيروا على خطى السيئين.
وأود أن أقول لهم: في هذا العصر، قيادة السيارة بشكل أخلاقي وإنساني من مكارم الأخلاق.
وسوف يظل سؤال وسائل التواصل الاجتماعي: أين المرور قائما. مع كل ضحية جديدة، نتيجة عدم الالتزام بقواعد السلامة المرورية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي