عام جديد
نستقبل العام الجديد ونحن في حال من الأمن والرخاء يحسدنا عليه كثيرون. هذا العام الذي يأتي مختلفا عن أعوام مضت عشنا فيها وفرة أكبر وعلاقات أكثر هدوءا مع الجيران، والعالم الخارجي لا يزال فارقا مهما بالنسبة لعلاقاتنا الخارجية والوضع العام داخل البلاد.
يأتي العام ونحن نتحمل مسؤوليات كبرى أسست عليها الدولة وحددت دورها العربي والإسلامي ومهمتها التاريخية في البحث عن التقارب في عالمنا الذي أصبح لقمة سائغة في أفواه العالم الذي يحاول أن يسيطر على واقع المنطقة ما دام هناك هذا الكم الكبير من الانقسام والاختلاف بين مكوناتها.
بذل الأعداء جهودا حثيثة في سبيل دعم الفرقة والبناء على أبسط الخلافات الفكرية والمذهبية والتاريخية, فحولوها إلى أسافين تمكنوا من خلالها من إنشاء وتغذية كراهية كبرى بين دول وشعوب المنطقة, رغم أن الخلاف والاختلافات كانت منتشرة قبل هذا التدخل لكنها لم تنتج هذا الكم من الكراهية والخوف في المنطقة.
هنا لا بد من التذكير أن البناء على الخوف الذي ينتشر من المستقبل هو الأساس الأهم الذي بنيت عليه سياسات الدول المعادية لتتمكن من بيع كل خردتها من الأفكار والمنتجات والأسلحة لكل دول المنطقة. الحالة التي انطلقت منذ السبعينات الميلادية حيث يحاول مكون معين أن يسيطر بمساعدة الغرب على مستقبل المنطقة جعلتنا في دوامة كبرى.
تمكين الاعتقاد أن أخاك عدو لك أمر يحتاج إلى الكثير من الجهد الفكري والتخطيطي لجعله حقيقة يؤمن بها كل المستهدفين. نعم هي عملية مخابراتية بالدرجة الأولى مبنية على القناعة بأن المنطقة هي الأهم وهي واسطة العقد, وهي الوحيدة التي لا تزال تحت تأثير مخدرات كثيرة كالعنصرية والبغضاء والشعور بالفوقية الزائفة التي كادت دول المنطقة أن تتجاوزها في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي, لكنها عادت للسيطرة مع تخلف الفكر وتوقف التوجه العام نحو دعم الفكر والإبداع.
عودة العالم في الشرق الأوسط للخلف كان في كل المكونات ما عدا تلك التي تمكنت من تخطيط وتنسيق عمليات تدمير الفكر والعلم في المنطقة, ما أدى إلى وجود دولة متفوقة تقنيا على أغلب دول الغرب ودول أخرى لا تزال تحاول اللحاق بالركب لكنها لا تستطيع بسبب حاجتها الماسة إلى التخلص من مشكلات وضعها أعداؤها كأسس لتدميرها.... وللحديث بقية.