أهمية التواصل والعمل الجماعي
عليك أن تعيد التفكير في نظرتك لفريق العمل، وأن تتعرف على أعضاء الفريق جيدا.
يعمل "آبي" ضمن فريق "ألفا" لتطوير المنتجات في شركة برمجيات عالمية، وقد أصيب بالإحباط عند قراءته انتقادات زملائه في العمل بسبب العرض الذي قدمه أخيرا للإدارة بالنيابة عنهم، متجاهلا اقتراحاتهم والحجج التي قدموها، حيث وجدوا أن عرضه غير مكتمل ولا يرتقي إلى أهدافهم، ما تسبب في رفض مجلس الإدارة للمنتج الجديد. لم يستطع "آبي" فهم سبب استيائهم فقد سبق له أن اجتمع بجميع أعضاء الفريق بشكل منفرد قبل تقديم العرض لأخذ رأيهم في مسودة العرض. وكانت "بيتي" قد عللت استياءها بسبب تجاهل "آبي" للنقاط التي أضافها كل من "كريس" و"دينس"، في حين لم ير "آبي" ضرورة لها على اعتبار أنهم ليسوا من أعضاء الفريق.
في بيئة العمل السائدة حاليا، يعتبر هذا السيناريو شائعا بشكل كبير وأكثر مما يعتقد التنفيذيون، ويتكرر على نحو متزايد عند تشكيل فرق العمل لأسباب، أولا، عدم الترابط الناجم عن بعد المسافات وفروق التوقيت واللغات والثقافات المختلفة، وثانيا، إشراك الأعضاء في مشاريع وفرق عمل متعددة، وثالثا، رغبة أعضاء الفريق في انتقاء المهام التي تعزى إليهم حسب خبرتهم. تؤثر هذه الاتجاهات الثلاثة بشكل متزايد في الفرق التي لديها فهم خاطئ عن الانتماء للفريق.
في دراسة أجريتها على 38 فريقا متخصصا في تطوير البرمجيات لخصتها في ورقة عمل "بناء الفريق: خبرات وتأثيرات تنوع أعضاء فريق العمل"، توصلت إلى أن 84 في المائة من الخلافات القائمة سواء بين أعضاء الفريق أو بين المديرين وأعضاء الفرق تتمحور حول الانتماء للفريق. هذا التنوع في فريق العمل الذي يحركه عدم الترابط والتشابك كما ذكرنا سابقا، من الصعب تجنبه في المؤسسات في الوقت الحالي. هذا يطرح تساؤلا: هل يجب أن يكون هذا مدعاة للقلق؟
روح العمل الجماعي
في الماضي، كان يتم توزيع المهام بشكل تقليدي على أعضاء الفريق لمدة زمنية معينة قد تمتد شهورا، حيث يكون كل فرد مسؤولا عن مشروع معين، كما كان يجمعهم مكان عمل واحد وهو ما يساعد على فهم الاختلافات بين أعضاء الفريق. في ظل هكذا ظروف يسهل تعزيز الفهم المشترك لمهام أعضاء الفريق وتنمية "روح العمل الجماعي". هذه النوعية من الفرق تعمل بكفاءة وفعالية بسبب التناغم بين أعضاء الفريق.
تتداعى روح العمل الجماعي في الوقت الراهن حتى في الحالات التي يوجد فيها مخطط تنظيمي واضح يظهر هيكلية فريق العمل، أيضا في حالة التواصل بشكل واضح عند إطلاق مشروع جديد. لا يعزى ذلك إلى عدم تطابق الأسلوب الذي يحكم لغة التواصل بين أعضاء الفريق مع الهيكل التنظيمي للمؤسسة، بل إلى الفكرة التي يكونها الأعضاء عن نموذج الفريق. حيث تؤثر تصوراتنا الذهنية في تصرفاتنا. هذه التصورات تبنى من خبراتنا الاجتماعية ويمكن أن تتطور مع مرور الوقت. ونتيجة لذلك، نجد في بعض الأحيان معرفة أشخاص نعتبرهم خارج الفريق بالمعلومات، وفي أحيان أخرى ضعف المستوى الإدراكي للفريق لا يمكنه من التقاط المعلومات المهمة. تظهر هذه النتائج بسبب عدم إدراكنا لاختلاف تصورات أعضاء الفريق عن نموذج العمل.
تصفية الأجواء
في حين يبدو تطبيق الهيكل التنظيمي للمؤسسة من خلال التنفيذيين الحل الأكثر مباشرة وسهولة، إلا أنه ليس أفضل الخيارات لسببين: الأول أن التنوع في أعضاء الفريق المذكور سابقا له فوائد حقيقية. كمثال على ذلك، مشاركات فريق العمل ووجهات نظرهم المختلفة تسهم بشكل أساس في الإبداع، لذا يساعد هذا التنوع على جلب وجهات نظر وأفكار متعددة إلى الفريق، كما يساعد على صقله وحمايته من العوامل الخارجية.
والسبب الآخر عدم انتهاج هذا الأسلوب هو عدم جدواه بكل بساطة. فبغض النظر عن الهيكل التنظيمي للمؤسسة، تنجم التصورات الذهنية لأعضاء فريقك عن خبراتهم التي تتطور مع مرور الزمن وتختلف من شخص إلى آخر. لذا ننصحك بتوفير الوقت والجهد فهذه الطريقة لا تساعد على حل المشكلة، وربما تستنزف كل طاقاتك.
مراجعة أسلوب العمل
يعتبر جمع أعضاء الفريق مع بعضهم أفضل طريقة للاعتراف بعدم وضوح هوية الفريق، لاسيما عند تبادل الأفكار والآراء حول كيفية عمل الفريق. هذا التفاعل بين الأعضاء والمديرين إجراء طبيعي لا مفر منه لمساعدة أعضاء الفريق على تكوين أفكارهم الخاصة عن الفريق وأعضائه وكيفية عمله. كما يجب التركيز على مساعدة الفريق على تقبل الاختلافات بين الأعضاء والاستفادة منها وإعطائهم الحرية للقيام بذلك، فتشجيع أعضاء الفريق على مناقشة التنوع في الفريق يكشف في كثير من الأحيان معلومات مهمة عن كيفية عمل هذا الفريق ومدى تفاعل أعضائه، ويساعد ذلك على تفسير تصرفات الأعضاء. السماح بوجود هكذا اختلافات ضمن الفريق قد يؤدي إلى الأفكار المتنوعة والإبداعية.
من المهم أن نفهم أن العالم ليس كما نظن ولا ينظر الجميع إلى الفريق بالطريقة التي نراها، لذا بإدراك هذه الاختلافات يمكن للمديرين وأعضاء الفريق تجنب الإحباط الذي شعر به "آبي" بعد تقديمه العرض، ومن الممكن تحويله إلى شيء إيجابي إذا اجتمع الفريق عند تقديم العرض أمام الإدارة في المرة المقبلة.
* أستاذ مساعد في السلوك التنظيمي في كلية إنسياد