المبادئ الأساسية لإعادة بناء الثقة
تتطلب عملية بناء الثقة سنوات عدة، ولكننا قد نخسرها في لحظات، ويصبح من الصعب على المؤسسات استعادتها. ولكنه ليس بالضرورة أن يتم الأمر على هذا النحو.
خسر جريج (اسم مستعار) مدير أحد المشاريع الدولية للمرافق، الثقة بعد مواجهته مصاعب تقنية، وكان مشروعه آيلا للانهيار. فلم تتحقق النتائج المرجوة، ما أثار استياء العميل. وأصبح فريق العمل الذي سبق أن تم اختياره بعناية في حالة من الفوضى. وسرعان ما بدأت جميع الأطراف تفقد ثقتها.
تعد استعادة الثقة مهمة شاقة. وغالبا ما تتطلب مراجعة شاملة لهياكل الإدارة وإجراءات العمل، والتدقيق في التفاصيل الصغيرة، وقد تتطلب سحب المنتج في بعض الأحيان. وعلاوة على ذلك، تحتاج إلى إعادة بناء سمعة الشركة بين العملاء والمستثمرين وأصحاب المصلحة الرئيسيين. وعلى الرغم من اتخاذ الخطوات السابقة، من المتوقع سير العملية ببطء.
معركة الصعود
كافحت شركة تايكو لاستعادة مصداقيتها بعد اعتقال دينيس كوزلوفسكي، الرئيس التنفيذي للشركة، بتهمة الاحتيال. وعلى الرغم من إدانته لاحقا والإجراءات الصارمة التي اتخذها إد برين، الرئيس التنفيذي الجديد، لإصلاح فريق القيادة، وحوكمة الهيكل الإداري وإعادة العلاقات مع أصحاب المصلحة، إلا أن الشركة كافحت للتعافي من الأزمة. وفي نهاية الأمر انقسمت الشركة إلى ثلاث شركات.
لا يتم التعامل مع قضايا انعدام الثقة بشكل معزول. وعلى سبيل المثال، يشير مقياس إيدلمان للثقة إلى أن الأزمة المالية 2007 ــ 2008 زعزعت ثقة الناس بقطاع الشركات. وبعد ثلاث سنوات، وجدنا أن أقل من 50 في المائة فقط من الناس يثقون بالشركات. ولا تزال الصحافة تسخر بشكل دائم من المصارف، على الرغم من الإصلاحات الدائمة والإجراءات التي اتخذتها الإدارات. ويا لها من مفارقة لقطاع يعتمد على الثقة!
تمكن جريج على الرغم من التحديات التي واجهها من إعادة اكتساب الثقة، وتحسين الإنتاجية بنسبة 110 في المائة في غضون أسابيع. حيث كثف تركيزه خلال هذه الفترة على تحديد وتفكيك الآليات والسلوكيات التي كانت سببا في فقدان الثقة وأعاقت الأداء. وكانت النتائج مذهلة ولاحظها كل من العميل، والشركاء، وربما الأهم من ذلك فريقه. غالبا ما يتجنب عديد من القادة هذا الأمر، ويشعرون بالقلق إزاء احتمالات الفشل التي قد تسببها المواجهة المباشرة. كما يتخوفون من ردود فعل الأشخاص في حال التشكيك في إخلاصهم أو مصداقيتهم. أما جريج فيختلف عنهم، ولم يخالجه هذا الشعور بالقلق، وعالج القضية من خلال معالجة مسألة الثقة وجها لوجه.
استعادة الثقة
تهيئة الأجواء الملائمة للمصارحة والانفتاح كانت سببا رئيسا في نجاح جريج. حيث اتبع نهجا يتمحور حول خمسة مبادئ أساسية. علمتنا التجربة أنها قد تكون ناجحة في استعادة الثقة في أوقات الأزمات:
1 ــ الصدق: كن منفتحا ومباشرا في تعاملاتك ولا تخف شيئا ــ فالناس يترصدون أصحاب الكلام المزدوج. وينكشف عدم صدقهم من خلال التناقض في الكلام، سواء الذي يقولونه أو عن طريق لغة الجسد.
2 ــ إعادة التواصل: أطلب من زملائك التحدث بصراحة دون الخوف من أية عواقب. اسمح لهم بالكلام، واستمع لشكاواهم وما يثير استياءهم ويخيب آمالهم. وعالج القضايا التي أثيرت.
3 ــ تفهم الوعود الصريحة المتبادلة، وتلك الضمنية التي يعدها الطرف الآخر أمرا مسلما به.
4 ــ تعامل مع الأوضاع والظروف بحسب الحقائق بعيدا عن التقييم والآراء المسبقة، ما يتيح رؤية الحقائق بشكل مجرد.
5 ــ تحمل مسؤولية النتائج بالكامل وليس فقط الجزء الخاص بك. كن قائدا وعالج الموضوع، وتحدث صراحة عن الأمور التي تستطيع إنجازها مع فريقك مستقبلا، وما توقعاتك من الآخرين.
على الرغم من أن المبادئ قد تبدو واضحة، ولكن استخدامها يتطلب شجاعة وإصرار ورؤية. وتتطلب من القياديين الخروج من منطقة الأمان الخاصة بهم، ومستوى ثقة غالبا ما يكون مفقودا.
تعد الثقة ظاهرة يحكمها الوقت، حيث تزداد الفجوة بتجاهلك المسألة. وعلى الرغم من أن معالجة الأمور بسطحية قد يمنحك شعورا بالراحة، ولكنك في المقابل ستفشل في إدراك الحاجة الملحة للتعامل مع المشكلة. فعندما يعلم الموظفون أنهم يعملون لمصلحة مؤسسة فقدت مصداقيتها، سيؤثر ذلك بشكل سلبي فيهم، وستكون له عواقب سيئة على الإنتاجية ورضا العملاء.
على الرغم من الأزمات، هناك فرص ممكن استغلالها. فكلما أحسنت التصرف ستشهد تقدما ملحوظا كنتيجة لصب اهتمام الأشخاص وجهودهم وتركيزهم على هدف أهم. فالقائد الذي يستطيع كسب ثقة الآخرين في الأوقات الصعبة سيتذكره الجميع. وأكبر مثال على ذلك موظفو شركة أبل، وما قام به ستيف جوبز من قفزة نوعية في الأعمال.
* كلية إنسياد