رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


«الغذاء والدواء» بين التاجر والمستهلك

لقد منح النظام لهيئة الغذاء والدواء استقلالا واسع النطاق، حيث تتمكن من إتمام مهامها الرقابية بالشكل الذي يحمي المجتمع من تسرب منتجات غذائية ودوائية أو منتجات صحية أخرى قد تكون ضارة، وإن أهم عنصر في نجاح الحملات التفتيشية هو تحقيق عنصر المفاجأة والوصول بسرعة إلى المواقع المشكوك في ارتكابها مخالفات تستوجب العقاب، وهذا يتطلب وجود عدد كافٍ من المفتشين والسيارات والفرق الميدانية المتكاملة، وتنفيذ الحملات في وقت واحد، فالمخالفون يتبادلون خبر شن الحملات ضدهم، بل يعتمدون على نقل الخبر ويتبادلونه بسرعة عالية، في حين أن الواجب عليهم أن يتعاونوا على البر والتقوى.
لقد طالت المخالفات محال ومطاعم كثيرة وشهيرة، وثبت أن ترك الحبل على الغارب ليس قرارا صائبا، وأكثر خطأ منه هو افتراض الثقة والأمانة في صناعة وتقديم الغذاء للجمهور، فالصحة العامة ليست محلا للهزل، كما أنها ليست ميدانا للتكسب غير المشروع وتسويق الطعام الرديء، وإذا كان التساهل غير مجدٍ، فإن المحافظة على صحة مرتادي المطاعم وحمايتهم من ضعاف الذمة، أمر في غاية الجدية، وهو محل تأكيد من قبل المسؤولين الذين يقلقهم، بلا شك، تلك الأخبار المتداولة عن سوء تخزين الطعام وإعداده، وحكم الشريعة الإسلامية واضح تماما فـ ''من غشنا فليس منا''، لأنه بفعله المخالف لأبسط قواعد التعامل يعرض حياة الناس للخطر، ويضع الجهات الرسمية أمام تحدٍ من أجل تطبيق النظام ووضع التعليمات موضع التنفيذ.
لقد أصبحت مراقبة الأسواق في غاية الضرورة والأهمية حيث لا يمكن تدارك الأضرار إلا بعد تفاقمها وتعدد ضحاياها واتساع رقعة الضرر فيها، وعندما تهتز الثقة بسلامة القوت اليومي للأسرة، فإن الأمر يتجاوز ارتفاع الأسعار إلى تعريض حياة الناس للخطر، وتم بالفعل تسليم الرسالة من جمعية حماية المستهلك إلى الجهة المختصة، حيث يجب أن يكون التحرك سريعا ومناسبا للخطر المتوقع وطبيعته؛ فالغذاء قد يكون سببا في وفيات وأمراض وتكاليف باهظة يمكن تفاديها.
إن المستهلك هو خط الدفاع الأول في حماية السوق من الأفعال الضارة التي يمارسها بعض التجار من شركات ومؤسسات وأفراد بعيدا عن أعين الرقابة، التي مهما بذلت من جهد فلن تستطيع الحضور في كل مكان لتقف على المخالفات. وهنا يأتي دور المستهلكين الذين يقع عليهم ضرر مادي وصحي من جراء المخالفات التجارية وأهمها الغش التجاري، حيث هناك أيضا معاناة للتجار فهم يخسرون؛ لأن من يسوق منهم للسلع والبضائع ذات الجودة يخسر بسبب المنافسة غير المشروعة، ولذا فإن دور التجار مساعدة وزارة التجارة والصناعة، على الإبلاغ عن المنافسين غير النظاميين ممن يروجون للعلامات التجارية المقلدة أو المزيفة، وليس غريبا أن تصل الخسائر الناجمة عن الغش التجاري، طبقا للتقديرات غير الرسمية في دولة بحجم السعودية، إلى 40 مليار ريال سنويا. وإن كان هناك من يقول، إن هذه الخسائر أكبر من ذلك بكثير. وتقول وزارة التجارة في المملكة، إن عدد البلاغات الرسمية عن الغش التجاري يصل إلى 15 ألف بلاغ شهريا، وهي فعلا في تزايد مستمر، إذا لم تتوافر الأدوات الناجعة والمؤثرة.
أما الجولات التفتيشية القوية فيجب أن تكون دائمة ومستمرة على جميع مصانع الغذاء ومخازن المستوردين، مع تطبيق المعايير الصارمة في فسح تلك المنتجات المستوردة، فزيادة الطلب الذي يسرع من العملية الإنتاجية تؤثر في الجودة وقد تجعلها أمرا ثانويا بما يترتب على ذلك من نتائج ضارة بالمستهلك للغذاء والدواء.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي