نحو التخصيص
حديث الأمس عن إلغاء وتعديل البدلات والمكافآت يعيدنا إلى التأكيد أن عملية التخصيص التي نحتاج لدعمها بشكل أسرع ونبني عليها تقويم أداء مختلف الجهات الحكومية يمكن أن تتيح فرصا أوسع للتوظيف النوعي وتحسين مستوى الدخل في المستقبل القريب.
يضاف إلى ذلك ما تقدمه عملية التخصيص من رفع لمستوى الخدمات والتنافس في السوق. لعل تقديم بعض الأمثلة يساعد في توضيح الفوائد الممكنة من العملية، فنحن عندما نتحدث عن تكلفة تصل إلى عشرة آلاف ريال لكل مواطن لتقديم الخدمات الصحية في البلاد من قبل وزارة الصحة والجهات الأخرى في الدولة، ونقارنها بإمكانية التأمين على المواطن بمبلغ يقل بشكل كبير عما يتم إنفاقه حاليا نكتشف الفرق المهم والنقلة النوعية التي يمكن أن نحققها بمجرد تنفيذ عمل كهذا.
المثال نفسه يمكن تطبيقه على كل العناصر التي تديرها الدولة وتتحمل نفقاتها لسبب أو آخر. المهم أن تمسك الوزارات بتقديم الخدمات ليس له ما يبرره. الواقع أننا هنا أمام فرصة تاريخية للاستفادة من أفضل الممارسات العالمية وتطبيقها فعلا. هذا التطبيق الذي يجعلنا نتعلم من أخطاء الغير ونصل للمطلوب بسرعة وكفاءة.
يمكن أن توفر هذه النقلة مزيدا من الفرص الوظيفية التي يستفيد منها المواطن، والمهم هنا أن سوق العمل سيكون أكثر تنافسية وبحثا عن الكفاءات في هذا المشروع العملاق الذي يخدم الدولة والمواطن في مناحي عديدة.
تستمر مؤسسات الدولة في عملها الرقابي على الخدمات وضمان المنافسة الشريفة والعناية بحقوق المواطن والوصول لتطلعاته. هذا الدور هو ما تقوم به دول العالم التي تبنت عمليات التخصيص، فبدل أن تكون الدولة مسؤولة عن كل شيء، ستكون عندنا القدرة على توزيع المهام والمسؤوليات بحيث نقضي على حالة تداخل المصالح التي قد تؤدي للفساد وتدعمه.
ختام القول هو أن التعديلات الجديدة يجب أن تكون بداية لعملية جراحية تجعل اقتصادنا مستمرا في التفاعل مع مختلف المؤثرات العالمية، وأن نتحول إلى فاعلين ومبادرين بدل أن نبقى تحت تأثير عوامل سلبية, علينا أن نكون مؤثرين لا متأثرين.