لا يزال لدينا تستر تجاري

مكافحة التستر التجاري في المملكة ارتبطت بإصدار نظام لمكافحته منذ وقت طويل، وقد جاء برنامج توطين الوظائف في القطاع الخاص من أجل تفعيل السعودة التي نجحت بلا شك ولكن لم تصل نسبة النجاح إلى المستوى المطلوب ولذا جاء برنامج "نطاقات" ليساعد على تحقيق نسبة نجاح أعلى تعكسها الأرقام. أخيرا تم الانتقال إلى سعودة كل قطاع على حدة، وكان آخرها قطاع الاتصالات وأجهزة الجوالات من مبيعات وصيانة ونحوه.
ومع ذلك فإن التحايل موجود بل لا يزال هناك كثير من المحال التجارية مملوكة لغير سعوديين حيث لا يعبر السجل التجاري أو الرخصة سوى عن ملكية صورية فقط، ولذا تطبيقا للتعليمات بحق المخالفين لأنظمة الإقامة والعمل قامت اللجان الإدارية التابعة للجوازات في مناطق المملكة ومحافظاتها بإصدار قرارات إدارية بحق مواطنين ومقيمين تنوعت مخالفاتهم ما بين التستر والتشغيل وتقديم المساعدة، وشملت العقوبات السجن، وتحصيل غرامات مالية أكثر من 56 مليون ريال، والمطالبة قضائيا بمصادرة 287 مركبة مستخدمة في النقل والتستر، وتسجيل 329 مليون ريال غرامات تحت التحصيل، إضافة إلى التشهير بالمخالفين، وترحيل نصف مليون مخالف لنظام الإقامة.
لقد حثت الجهات الرسمية ومنها الإدارة العامة للجوازات، جميع المواطنين والمقيمين على الالتزام، وشكلت عدة لجان إدارية موسمية تتولى إصدار العقوبات الفورية بحق المخالفين، لذا فإن علينا مواجهة التحايل الذي تقوم به العمالة الوافدة بالمخالفة لأنظمة الإقامة والعمل حيث أصبحت مخالفتهما وسيلة لتسمين المخالفين ومن يساعدهم على حساب الباحثين عن فرص وظيفية من المواطنين والمواطنات الذين هم قيمة مضافة إلى الاقتصاد الوطني تشغيلا وإنتاجا، حيث يجب بناء صلة وثيقة بين المواطنين والمواطنات وأعمالهم التي يتولونها بأنفسهم.
وقد بدأت حملة تصحيح شاملة، ومع كل يوم ينكشف لنا حجم المخالفات وعمق ظاهرة التستر على المخالفين ومساعدتهم، فهناك مئات بل آلاف من المحال التجارية أغلقت أبوابها بعد أن كانت عامرة بحركة المستهلكين، وهي محال متنوعة بين مخابز ومغاسل وبقالات، ولا نبالغ إذا قلنا إنها تشمل معظم الأنشطة التي تعمل فيها المؤسسات الصغيرة والمتوسطة على تنوعها وتعدد مجالاتها، وهي محال مملوكة قطعا لأشخاص سعوديين، لأن كل محل له ترخيص من البلدية أو سجل تجاري. فأين ذهب أصحاب تلك التراخيص والسجلات؟ هل زهدوا في تجارتهم أم أنهم كانوا واجهة قانونية وغطاء سقط مع نهاية مهلة التصحيح؟
ولكي نتصور حجم التستر على المخالفين فإن نظرة إلى تلك الأحياء المسكونة بالكامل من قبل أشخاص يقيمون بصفة غير نظامية وتكون مصالح لملاك تلك المساكن الشعبية في المدن الرئيسة، مثل الرياض وجدة والدمام وما تشكله تلك التجمعات من مصادر للخطر الأمني وزيادة نسب الجرائم، لذا فإن وجود اقتصاد خفي ضروري لمعيشة تلك المجموعات التي أصبحت بمجرد نهاية المهلة تمارس جريمة في حق اقتصادنا وأمننا الوطني. من هنا فإن قطار التصحيح يجب ألا يتوقف، بل يجب أن يستمر بفرض أقصى العقوبات على المقيم والمواطن ممن يقومون بمساعدة أو توظيف من وجوده في المملكة غير قانوني.
لقد حذرت الغرفة التجارية الصناعية في الرياض، المواطنين ومن لديهم سجلات تجارية أو رخص عمل، من الانسياق وراء الإغراءات التي تقدمها العمالة الوافدة، التي تنتظر نهاية مهلة التصحيح؛ حيث يفترض مع نهايتها نهاية عمل الوافدين لحسابهم الخاص باستثناء المستثمرين الأجانب. ويبدو أن الغرفة التجارية الصناعية في الرياض لاحظت أن هناك محاولات غير قانونية للتحايل على الوضع القانوني الجديد لما بعد نهاية المهلة. المهلة التصحيحية انتهت ولا يزال هناك من يريدون استمرار الوضع السابق بأن يكون الحبل لهم على الغارب، بل إن تحذير الغرفة التجارية الصناعية في الرياض يؤكد أن فئة واسعة من هذه العمالة تقدم هذه الإغراءات المالية ليقينهم التام بحجم ما يحققونه من أرباح كبيرة جدا رغم أي زيادات مالية إضافية تقدمها تلك العمالة للمواطنين المتسترين.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي