رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


المملكة العربية السعودية .. تاريخ وحضارة

في كل عام من الأول من الميزان تمر علينا ذكرى عزيزة وغالية .. ذكرى اليوم الوطني لمملكتنا الغالية.
ونذكر جميعا أن نخبة من أبناء المملكة ما زالت أسماؤهم محفورة في قلب الصفحة الأولى من جريدة أم القرى .. اجتمعوا في مدينة الطائف، وقرروا أن يرفعوا التماسا إلى الملك عبدالعزيز - يرحمه الله - بتغيير اسم مملكة الحجاز ونجد وملحقاتها إلى اسم المملكة العربية السعودية.
وفعلا استجاب الملك عبدالعزيز لطلب الأهالي وأصدر أمره الملكي الرائع برقم 2716 وتاريخ 18 سبتمبر 1932 بتحويل اسم المملكة من مملكة الحجاز ونجد وملحقاتها إلى "المملكة العربية السعودية".
ولكن المؤسف أن الإعلام يخطئ في التعبير عن هذه المناسبة العزيزة والغالية على نفوسنا جميعا، فالإعلام يذكر تاريخ الأمر الملكي على أساس أنه تاريخ تأسيس المملكة العربية السعودية، وكذلك يقول الإعلام إنها إعلان للوحدة الوطنية في مملكة الملك عبدالعزيز.
وطبعا هذا خطأ غير مقصود في التاريخ وخطأ غير مقصود في المناسبة.
إن تاريخ تأسيس المملكة العربية السعودية هو 13 يناير 1902 (4 شوال 1319هـ) يوم أن تحققت المعجزة وقفز الملك عبدالعزيز ورجاله الأبطال سور الرياض، وخاضوا معركة بطولية لاستعادة العاصمة الرياض من حكم عامل آل الرشيد "عجلان" ولا يزال صدى هذه المعركة يتردد في التاريخ المعاصر لهذه المملكة الفتية، ويجب أن نتذكر أننا احتفلنا بمناسبة مرور 100 عام على تأسيس المملكة العربية السعودية (المئوية) في سنة 2002.
إذًا: تاريخ تأسيس المملكة العربية السعودية هو الموافق ليوم 13 يناير 1902 (4 شوال 1319هـ)، أما تاريخ 18 سبتمبر 1932 (17 جمادى الثانية 1351هـ) فهو تاريخ تعديل اسم مملكة الملك عبدالعزيز كي يعبر اسم المملكة العربية السعودية تعبيرا دقيقا عن هذه المملكة الفتية التي نتفيأ ظلالها وننشد لها - بإذن الله - الخلود والازدهار.
ولو رجعنا إلى نصوص المواد (3 و4 و5) في الأمر الملكي رقم 2716 وتاريخ 18 سبتمبر 1932 (17 جمادى الآخرة 1351هـ) للاحظنا أن الأمر الملكي أكد أنه لا يكون لهذا التحول أي تأثير في المعاهدات والاتفاقات والالتزامات الدولية، وأن سائر التشكيلات الحكومية والأنظمة والتعليمات والأوامر تظل كما هي نافذة المفعول، أي أن الأمر الملكي يؤكد أنه مجرد عملية تغيير في اسم المملكة وأنه لا يؤثر - بأي حال من الأحوال - في تاريخ تأسيس المملكة.
ونحن نعرف أن جميع الدول تمر بمرحلة تغيير اسمها دون أي تأثير في تاريخ تأسيسها، وهذه جمهورية مصر العربية - على سبيل المثال - التي كانت المملكة المصرية، ثم الجمهورية المصرية، ثم الجمهورية العربية المتحدة، وأخيرا أطلق عليها الرئيس محمد أنور السادات اسم جمهورية مصر العربية.
وخلال هذا الحشد من التغييرات في اسم الدولة لم يقل أحد إن مصر تأسست في عهد السادات، ولا في عهد عبدالناصر، ولا في عصر الملك فاروق، بل هم يقولون - وما زالوا - إن عمر مصر أكثر من 7000 سنة.
أما ما يتعلق بالوحدة الوطنية، فالوحدة الوطنية أرسى دعائمها الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه منذ اللحظة التي كتب الله له النصرة ودانت له العاصمة الرياض وتربع على عرشها، ثم نزل المنادي في الشوارع والمنعطفات يقول: الحكم لله، ثم للملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، ثم أكد الملك عبدالعزيز لأهالي الرياض أنه استعاد ملك الآباء والأجداد، وأن الأمن والأمان مكفول للجميع، وأن الشريعة الإسلامية هي دستور الحكم، وكرر الملك عبدالعزيز المعنى نفسه حينما دخل محرما مكة المكرمة فأصدر بلاغا جاء فيه: إن دستور مملكته هو شريعة الله كما وردت في القرآن الكريم والسنة المطهرة، وإنه لا سبيل إلى الأخذ بأي شيء يخالف هذه الشريعة مهما كان صغيرا أو كبيرا، ثم أكد الملك عبدالعزيز - يرحمه الله - أن حق المسلمين عليه أن يصون أرضهم وعرضهم ومالهم، وأنه لن يسن نظاما إلا ويكون متسقا مع مبادئ الشريعة الإسلامية وأن الأمر شورى.
إذًا: المملكة ليست دولة أسست عام 1932 وإنما هي دولة أسست عام 1902، أي أسست قبل 114 سنة وليس قبل 86 عاما.
الشيء المؤسف أن الإعلام الدولي أخذ من الإعلام السعودي هذه الأخطاء غير المقصودة، وجعل المملكة العربية السعودية تفقد أجزاء غالية من تاريخها المجيد الذي يتضمن جهاد وجهود الملك عبدالعزيز ورجاله الأشاوس في تأسيس كل أطراف هذه المملكة الفتية، ثم المضي قدما في تنفيذ البرامج التنموية الواسعة التي حولت صحراء المملكة العربية السعودية إلى واحات تنعم بالرقي والتقدم.
إن المملكة العربية السعودية دولة عريقة لا يمكن أن تفرط في 30 سنة ونيف من تاريخها الحديث، لأن تاريخها كل لا يتجزأ ويجب أن يدركه الإعلام السعودي قبل أي إعلام آخر، ومعروف أن خطأ الإنسان في تاريخه يحاسب عليه أكثر من خطئه في تاريخ الآخرين.
إنني أرجو من وزارة الثقافة والإعلام أن تنبه في المناسبات الوطنية القادمة أن تاريخ تأسيس المملكة العربية السعودية يعود إلى أكثر من 114 عاما خلت وليس 86 عاما ونيفا. 

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي