رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


الاقتصاد العالمي لا يسير في طريق آمنة

مهما كان مستوى جودة التحليلات المتفائلة حيال الاقتصاد العالمي، فهذا الأخير لا يزال متأثرا بصورة مختلفة بتداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية قبل ثماني سنوات. كما أن الإجراءات التي اتخذت في أعقاب الأزمة لامتصاص خرابها واحتواء ما أمكن من أضرارها، لم ترق إلى مستوى فداحتها. صحيح أن إصلاحات قوية فرضت على النظام المصرفي العالمي، وصحيح أن الحكومات اتخذت سلسلة من الخطوات التحوطية، وصحيح أن كثيرا من المشاريع المالية السيئة خرجت من المشهد، لكن الصحيح أيضا أن وضعية الاقتصاد العالمي لم تصل بعد إلى مرحلة التعافي. ويبدو أنها لن تصل إليها في السنوات المتبقية من العقد الراهن. هناك "فواتير" الأزمة، وهناك أيضا عدم وضوح الرؤية لدى حكومات البلدان المؤثرة في المشهد الاقتصادي العالمي.
تتقدم المؤسسات الدولية الكبرى (صندوق النقد والبنك الدوليان)، وكذلك منظمة التنمية الاقتصادية العالمية، وعدد من الجهات الأخرى في كل المناسبات ليس للإعلان عن تقديراتها لارتفاع نمو الاقتصادي العالمي، بل عن تخفيضات لتوقعات سابقة لها. وهذا يعني أن مسار هذا الاقتصاد لا يجري وفق توقعات مثل هذه المؤسسات. ومن الأسباب الرئيسة هنا، تأتي "سلوكيات" الحمائية ــ إن جاز الوصف ــ التي قلصت من تأثير التحركات نحو دفع الاقتصاد إلى الأمام، بغية الانتهاء إلى الأبد من آثار الأزمة الاقتصادية العالمية. وبناء اقتصاد أكثر تجددا يأخذ في الاعتبارات الانهيارات السابقة له، بما فيها تلك التي حدثت قبل الأزمة الكبرى. ومن هنا، نرى تراجعا في وتيرة التعاون الدولي في هذا المجال، رغم أن الجميع يدفع الثمن.
فإذا كان هناك خلاف شديد بين الحلفاء أنفسهم حول اتفاقيات التجارة فيما بينهم (الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة مثلا)، علينا أن نتخيل حجم الخلافات بين البلدان غير الحليفة! وأثر هذا بصورة سلبية مباشرة في وتيرة النمو العالمي. ويكفي النظر إلى تراجع الطلب على الطاقة، لتتكون صورة واضحة للاقتصاد العالمي. دون أن ننسى، أن غياب الثقة بين البلدان المؤثرة على الساحة الاقتصادية العالمية، يسهم بصورة مباشرة أيضا في الوصول إلى المستوى المأمول لهذا الاقتصاد. فكثير من هذه البلدان فضلت التركيز على أوضاعها المحلية بصرف النظر عن سلبياته الخارجية، علما بأن هذه السلبيات سرعان ما تعود إليها بأشكال مختلفة. مما يعزز الاعتقاد بأن الحراك المحلي الخالص، لا يضمن أوضاعا اقتصادية محلية عالية الجودة.
في الفترة الماضية أقدمت وكالات التصنيف العالمية على تخفيض التصنيفات الائتمانية لعدد من البلدان بما فيها تلك التي كانت تعد نفسها منيعة على الخفض. ولم تتردد هذه الوكالات في خفض تصنيف الولايات المتحدة نفسها، وبريطانيا. بل هددت بخفض تصنيف ألمانيا في مرحلة ما. وهذا يعني أن الأمور لا تسير كما تظهر بعض التحليلات المتفائلة. في حين بات من الصعب الاستناد إلى تحليلات حكومية صادرة من هذا البلد أو ذاك. ولا يعني هذا أنها تقدم أرقاما خاطئة، بل توفر تقييمات غير واقعية لأرقام تتحدث عن نفسها أصلا.
لا يسير الاقتصاد العالمي حاليا في طرق آمنة. كما أنه لا يزال بعيدا عن المعايير التي فرضتها الأزمة الاقتصادية العالمية، بما في ذلك السيطرة الكاملة على الحراك المالي. فهذه الصين (مثلا) باتت شبه جاهزة لتطلق أزمة اقتصادية مشابهة لتلك التي انفجرت في عام 2008. وعلى الرغم من كل التحذيرات من هذه الأزمة، إلا أن السلطات الصينية لا تقوم بما يجب للحيلولة دون ذلك، مع وصول الديون المحلية إلى أرقام فلكية فيها. هناك كثير من القنابل الاقتصادية الموقوتة على الساحة، يمكن أن تنفجر في أي لحظة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي