فرص واعدة للطاقة الشمسية
أفادت وكالة الأنباء الإمارتية بأن هيئة مياه وكهرباء أبو ظبي تلقت عروضا لبناء محطة طاقة شمسية من شركات متخصصة. وكان من ضمن تلك العروض عرض تجاري يعتبر الأكثر تنافسية في شتى بلدان العالم، حيث ستنخفض بموجبه تكلفة توفير الكيلووات ساعة إلى 2.42 سنت أمريكي، أو ما يعادل( 9 هللات). وهذا السعر يعني أن الطاقة الشمسية باتت على مقربة من منافسة أرخص أنواع الوقود المستخدم في توليد الطاقة الكهربائية بما في ذلك الغاز الطبيعي والفحم الحجري. ويتوقع بعض المختصين أن استخدام الطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء سيكون أجدى من استخدام الفحم الحجري خلال عدة سنوات، ما سيقود إلى استئثار الطاقة الشمسية بقسط وافر من التوسعات المستقبلية في توليد الطاقة الكهربائية ويقلل في الوقت نفسه استخدامات الوقود الأحفوري في هذا القطاع. وقد حقق قطاع توليد الطاقة الكهربائية أكبر نسب نمو في استخدامات الطاقة خلال السنوات الأخيرة، كما أنه سيكون أكثر وسائلها نموا في العقود القادمة. ولهذا فإن خسارة قطاع التوليد بالنسبة لمنتجي الوقود الأحفوري سيتأكد بشكل أكبر مع مرور الوقت، وهو ما سيزيد الضغوط على أسعار الوقود الأحفوري من النفط والغاز الطبيعي والفحم الحجري بشكل خاص.
شهدت تكاليف توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية تراجعا مستمرا خلال السنوات الست الماضية هاوية بنحو 75 في المائة. ومن المتوقع تحقيق مزيد من التراجع خلال المستقبل المنظور معززا تسريع استخدام الطاقة الشمسية. يعود التراجع في التكاليف إلى انخفاض أسعار الألواح الشمسية، الذي شجع أيضا المستثمرين على زيادة تدفق استثماراتهم وخفض تكاليف الإقراض لهذا القطاع. وزاد انخفاض تكاليف الطاقة الشمسية من إقبال الدول على التوسع فيها، فها هي الصين تسير بخطى قوية لزيادة استخدامات الطاقة الشمسية في مجالات التوليد لخفض اعتمادها على الفحم الحجري الملوث للبيئة، وقد تجاوزت ألمانيا في عام 2015م ، كأكبر بلد في توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية، طاقة التوليد لديها 43 ميجاوات، وستتضاعف هذه الطاقة بنحو ثلاث مرات في عام 2020. أما في الولايات المتحدة فسيتضاعف استخدام الطاقة الشمسية في توليد الكهرباء بأكثر من ثلاثة أمثال خلال السنوات الخمس القادمة، حيث من المنظور أن تصل قدرة توليد الطاقة الشمسية إلى 100 جيجاوات في عام 2020، وهذه تفوق قدرة توليد الطاقة الموجودة حاليا في المملكة.
تنخفض تكاليف توليد الطاقة الشمسية مع الحجم حتى مستوى معين، وبعدها تستقر التكاليف. وقد خفض تدني تكاليف الاقتراض من تكاليف المشاريع، ولهذا فإن هناك حاجة كبيرة إلى دعم وتوفير التمويل الرخيص لمشاريع توليد الطاقة الشمسية على الأمد الطويل. وتقوم شركات الكهرباء ببناء معظم مشاريع الطاقة الشمسية، ولكن يمكن للقطاع التجاري والعائلات أيضا إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية في المؤسسات الإنتاجية والمنازل. وترتفع تكاليف إنتاج الكهرباء بالنسبة للمنازل بضعف أو ضعفي تكاليف شركات الكهرباء، ولكن تنخفض تكاليف توزيعها حيث يتم استهلاك معظمها بشكل مباشر. إن تراجع تكاليف توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية يحمل بارقة أمل في تراجع تكاليف إنتاج الكهرباء وسهولة توفيرها على مستوى العالم وخصوصا في المناطق النائية وغير المتطورة. كانت المملكة من أولى الدول اهتماما بتطوير الطاقة الشمسية وذلك عندما بدأت مشاريع دراسات وأبحاث وإنتاج الطاقة الشمسية في مطلع ثمانينيات القرن الماضي، ولكن النجاحات في مجال توليد وتطوير الطاقة الشمسية وتقنياتها لم تكن بحجم التوقعات، وظل قطاع الطاقة الشمسية في الزاوية الخلفية لقطاع الطاقة في المملكة. وتملك المملكة إمكانات واسعة في مجالات الطاقة الشمسية حيث تسطع الشمس القوية في شتى أصقاعها وبشكل شبه عمودي معظم أيام العام. كما تملك المملكة مساحات شاسعة من الأراضي يمكن أن يستخدم جزء منها في توليد الطاقة الشمسية ودون مزاحمة القطاعات الاقتصادية الأخرى. إن الاهتمام بتوليد الطاقة الشمسية موجود ولكن هناك حاجة ماسة إلى زيادة التركيز على إنتاج وتطوير تقنيات الطاقة الشمسية وزيادة تخصيص الموارد لهذا القطاع المقبل على نمو قوي في مختلف دول العالم. ولعل الأهم من ذلك تطوير وتوطين التقنية والكفاءات البشرية في مجال الطاقة الشمسية الأمر الذي سيسهم في توظيف كثير من الإيادي الوطنية. ويتطلب تطوير الطاقة الشمسية أيضا بيئة تشريعية وقانونية مناسبة ومحفزة لتشجيع استخدامها وإنتاجها من قبل شركات الكهرباء والقطاعات الإنتاجية وملاك المنازل. ومع مرور الوقت، من المتوقع أن تسهم زيادة استخدام الطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء في خفض تكاليف وفواتير الكهرباء وفي زيادة دخول الأسر والمؤسسات الإنتاجية والقطاع التجاري بشكل عام. كما ستوفر كميات كبيرة من النفط والغاز المستخدم في إنتاج الكهرباء للقطاعات الاستهلاكية الأخرى التي من أهمها قطاع تحلية المياه، وهو ما سيزيد من صادرات النفط والغاز ومنتجاتهما ويطيل أمد استغلالهما.