رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


أخطاء الائتمان .. على المتعثر إثبات براءته

تفجرت مشاكل شركات التأمين، وارتفعت أسعارها بشكل غير مبرر، والأعذار كثيرة. هناك شركات ضعيفة في السوق فشلت حتى في إدارة أمورها البسيطة، فلا عجب أن تفشل في ترتيب طلبات إعادة التأمين، عقودها واهية، وهناك شركات ذات وضع جيد لكنها تقوم على فلسفة تقول إن على راغبي تجنب المخاطر دفع مقابل عدم رغبة كثير من الناس في ذلك (فهم لا يدفعون عن تجنبهم للمخاطر فقط، بل حتى عن أولئك الذين لا يرغبون في تجنب المخاطر) بمعنى أن علينا نحن الذين نلتزم بالإجراءات والعقود ونحذر الطريق فلا نتعرض ولا نعرض شركات التأمين لخطر دفع التعويضات، علينا أن ندفع في مقابل المخاطر التي يتسبب فيها أولئك الذين لا يهتمون ويعرضون أنفسهم وغيرهم للمخاطر. شركات التأمين دائما وباستمرار تدفع لمرتكبي الحوادث من خلال أقساط وعوائد أقساط الذين لا يقعون فيها (هذه هي حقيقة وفلسفة التأمين ولا مفر منها)، الشركة تحقق أرباحها من جيوب الملتزمين بالدفع الذين لا يتعرضون ولا يعرضون الآخرين للخطر، وليس من جيب من يعرض الشركة ويعرض الناس للمهالك، وعلى طول المسار من يعرض نفسه والآخرين للمهالك هو الذي حصل على المكافأة في النهاية. عندما تتعرض لحادث مع أولئك المستهترين فإنك تعود على الشركة بالمطالبة، تحاول الشركة جهدها تجنب الدفع، وتبذل جهدها لتفسير الأمر وفقا لهواها حتى لو دفعت مرغمة فإنها تضعك في قوائم "سمة" كعقاب لك إن طالبت بالتأمين، وفي الأخير من عرضك للحادث فاز بالمبلغ وأنت تعرضت للمقاضاة من قبل الشركة رغم دفع أقساطك في موعدها، وإذا رفضت قابلتك "سمة".
هذا هو الحال مع شركات التأمين وغيرها من المصارف وشركات الاتصالات عليك أن تتحمل أخطاء الائتمان وأخطاء الآخرين أو قد تفاجأ بطريقة ما أن اسمك أصبح معلقا في "سمة". نعم لم تكن تعرف، لكن ستعرف إذا تقدمت بطلب بطاقة أو رفع حدك الائتماني هناك ستكتشف أن اسمك معلقا في "سمة". دائما ما تعلل "سمة" بأنه يمكنك مراجعة سجلك في أي وقت، لكن من ذا الذي عليه مراجعة سجله كل أسبوع أو شهر، للاطمئنان أن اسمه لم يعلق؟ وإذا وجد اسمه معلقا عليه مراجعة الشركات ومقاضاتها، وحتى يقضي الله في أمرك أو أمرها تظل حاجتك الائتمانية معلقة، ومنهم من يعلم الله بحاله. "سمة" لا تستأذنك ولا تسمع منك قبل تعليق اسمك، مجرد إرسال معلومات ائتمانية من أي شركة، فإنك فورا تصبح معلقا، لا يهم "سمة" إذا كنت بريئا أو أن الشركة خالفت عقودا أو أن الشركة لا تعمل على تحصيل مستحقاتها بدقة، المسألة أن اسمك ورد من مشترك إذا سيعلق، هذا ما أعرفه وهذا ما تعرضت له وما يتعرض له أقارب لي وما يتعرض له آلاف من الناس. بمجرد أنني متورط مع أي منشأة في ائتمان ولم نتفق على حل بعد فإنني أصبح في نظر "سمة" محل مساءلة فالمصارف وشركات التأمين حين تضع اسمك كمتعثر في "سمة" لمجرد أن الشركة بلغت بذلك، لا تثريب عليهم ولن تكلف "سمة" نفسها ولن يكلفها أحد بأن تسأل عن أسباب التعثر، أو تطلب من الشركة حكما قضائيا بذلك التعثر، أو تطلب مستندا معتمدا أن الشركة استنفدت فرصها في التقاضي والمطالبة.
السجلات الائتمانية للتعثر ممارسة رأسمالية بحتة، نحن هنا في أرض الإسلام، وفي عقر داره، كيف نتجاهل كل النصوص القرآنية التي تحتم علينا الحكم بناء على سماع الأطراف جميعا، وليس تعطيل حقوق الناس بمجرد ضغط زر الإدخال على حاسب آلي لشركة؟ وحتى لو كانت هناك قضية بين الشركة وبين المسكين المعلق في "سمة"، فإن "سمة" تطالبه بما لم تطالب به الشركة، تسوية الموضوع مع الشركة وإسقاط الاسم من قبلها، ومن له حق عليه اللجوء إلى القضاء من أجل ذلك، وسيقوم القاضي حتما بسماع أقوال الشركة، لا أحد يجبر الشركة على الحضور من أول جلسة، ولا عدة جلسات حتى تتعطف الشركة وتأتي بطلب تأجيل القضية، ثم سنوات تمر والشركة لا تريد التقاضي لكنها تستخدم ورقة "سمة" للضغط على الوضع المالي للمدين حتى يضطر تحت وطأة الحاجة إلى تسوية الأمر معهم، وأسأل كل من يبني منزلا كيف تمضي السنوات وهو "عظم". كل ذلك لأن "سمة" لا تريد أن تطلب من الشركات إثبات الحق في التعثر، والامتناع الشرعي عن السداد. "سمة" تدرك تماما أنها لو فعلت ذلك فلن تسجل معها الكثير من الشركات. أكثر النماذج المرتكزة إلى فكر الرأسمالية تصنع الطبقات وتوجد الأزمات كمنهج لازم لها، وقد حذر منها كل فقهاء الرأسمالية، ومنهجها التجريبي انتهى بها إلى أزمات لم تحل بعد بل يتم تغطيتها بأزمة وفقاعة أخرى، وحتما وكما تنبأت به كل المدارس العلمية ستأتي على الرأسمالية التجريبية أزمة لا حل لها، والوضع العالمي الاقتصادي ينبئ بقرب هذه الأزمة، والسبب تعنت الرأسماليين أمام رغبات الشركات والمصارف التي لا تنتهي ولن تنتهي طالما هي مبنية على تعظيم الربح من خلال الفائدة على الدين. كلنا يعرف ذلك ومع هذا نتبع خطواتهم.
أخيرا، صدرت فتوى من هيئة كبار العلماء لا تجيز إنشاء صناديق مالية بين القبائل التي تجبر الناس على الدفع إلزاما، ذلك أن أموال الناس حرام، كحرمة مكة ويوم عرفة، لا يجوز التعامل معها بلا نص شرعي وحكم مباشر، المداينة والاستدانة حق مشروع لكل مسلم، لا يجوز لأحد منع الناس عنها، ولا يجوز للبنوك أن تتفق على مخالفة الشرع، ولا يجوز لـ"سمة" أن تعلق اسم أحد دون إذنه، كل ذلك لا يجوز إلا بحكم شرعي واضح، أو صك قضائي منته، وكما عرفت هيئة كبار العلماء مشكلة الصناديق المالية للقبائل فإن أفعال البنوك أولى بالنظر والدراسة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي