رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


عندما أفاق الجميع على صوت الداعي في الرياض

من الصعب تغيير ثقافة شعب، فكيف إذا كان هذا التغيير إصلاحيا وبنائيا، وكيف إذا كان هذا الشعب متباينا متحاربا، غير متعلم، متباعدا غير مرتبط، وكيف إذا لم تتوافر لدى المصلحين أدوات أكثر من سواعدهم. وإذا كانت القصص الخالدة بمن رواها، فإن أروعها وأكثرها خلودا على الإطلاق تلك القصص التي تحكي عن نفسها. هذه قصتنا، نحن شعب المملكة العربية السعودية، هذه قصة أمتنا، التي بناها الآباء والأجداد بسواعدهم. من قلب الصحراء ومن متاهات الأودية والجبال، قرر شعبنا العظيم أن ينفض عنه غبار السنوات وأن يعود إلى أمجاده العظيمة. "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" (سورة الرعد:11). قبل 100 عام قرر أبناء هذا الشعب العظيم أن يلتف حول قائد عظيم يحملهم نحو المجد التليد، فكان الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود. قاد هذا الملك شعبه نحو تحقيق النهضة الشاملة متلمسا هذه الآية العظيمة وأنه لن يغير الله ما بهذا الشعب من متاهة وجوع ومرض وتخلف، ما لم يتغيروا بأنفسهم ويطلبوا المجد وهم من حوله ومعه، رجال مضوا إلى غاية عملاقة مهتدين بسيرة الرسول العظيم لتوحيد أبناء القبائل في شعب واحد، شعب المملكة العربية السعودية، ساروا نحو الرياض التي استجابت لهم، ثم نادت على كل المدن والقرى من مكة إلى المدينة ومن بريدة إلى عنيزة ومن الدمام إلى حفر الباطن، سارت مشاعل النور لتدعو الجميع في جنوب المملكة في عسير والباحة ونجران لتنضم مع الجوف والقريات وتبوك في الشمال، فكأنما أفاق الجميع من سباتهم العميق الطويل الذي امتد قرونا، أفاق الجميع على صوت الداعي في الرياض، الملك لله ثم لعبدالعزيز آل سعود. فجاءت الوفود تبايع والمدن تتزين وتتسابق لتجد لها مكانا في العقد، حتى اكتملت راية التوحيد، لا إله إلا الله محمد رسول الله.
منذ ذلك الحين تعلمنا الدرس جيدا، فلا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم. توحدنا على قلب رجل واحد، أسرة واحدة، شعب متعاضد، وإذا بالنهضة تسري فينا كما وعدنا الله، نهضة شاملة بدأت عندما تدفق النفط من صحرائنا ليسري في عروق المملكة، عروقها التعليمية والصحية والاجتماعية، لقد سجل التاريخ بمداد الذهب، كيف بدأنا في بناء المدن والطرق والمدارس، كيف كان التعليم للمحظوظين في مهب الريح تحت قباب القش، واليوم تقف المدارس شامخات، والفصول ممتلئة بالطلاب، وتعلمت البنات حتى لم يعد التعليم حكرا للرجال، ولم يعد العلم دولة بين الأغنياء. سنوات قليلة مرت لنجد أبناء وبنات هذا الشعب يتنافسون على القبول في الجامعات العالمية، بل تتنافس الجامعات على قبولهم، ويحصد أبناؤنا المراكز المتقدمة في الرياضيات الحديثة، وتعلو مناكبهم في الطب، ذلك فضل الله، تفضل علينا بعدما اجتمعنا تحت راية سعودية واحدة. إنها العزة في وحدة الصف، فإذا ابتغينا العزة في غيرها وبدلنا أمرنا (والعياذ بالله من ذلك) بدل الله حالنا كما وعد، وعدنا كما بدأنا.
عندما توحدنا تحت راية الأسرة السعودية الحاكمة التي حكمت بما شرع الله، وأمرت بما أمر ونهت عما نهى، أنعم الله علينا بالصحة، فالعلاج مجانا، وفي كل قرية مستوصف وفي كل مدينة مستشفى وفي كل منطقة مدينة طبية عصرية، والأطباء من جلدتنا يفهمون شكوانا. وبعد أن كان أجدادنا يموتون زرافات من الأوبئة والأمراض المستوطنة، جاء الخير ولم يعد من تلك الأمراض إلا اللمم، نعمة الله أنعمها علينا منذ توحدنا على يد الملك المؤسس، ولن يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم. هذا وعد الله، فإذا تمسكنا بما أمرنا الله من حق البيعة لخادم الحرمين الشريفين، وولي عهده، وولي ولي العهد، وإذا التزمنا الإسلام الصافي الذي عاش ومات عليه النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم -، وجاء الملك المؤسس - رحمه الله - ليجدده على مجده ويحيي من السنة المطهرة ما أندثر منها. إذا بقينا على العهد نصون البلاد من كل عابث بأمنها ومفسد لاقتصادها، ومفرق لجماعتها، فلن نخشى أحدا غير الله. فالراية واحدة سيسلمها جيل إلى آخر، ويتعاهد عليها الخلف مع السلف، الله ثم المليك والوطن.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي