رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


بحزم سلمان .. فكر إداري متقدم في إدارة الحج

كل عام والمملكة تحقق نجاحات في إدارة الحج، ولولا بعض التصرفات غير المسؤولة من قبل بعض الحجاج، لما تعرض حاج إلى مشكلة في رحلته الروحية والتعبدية هذه. فهناك مئات الآلاف من حجاج بيت الله الحرام كل عام يأتون من كل فج عميق، أتوا برا وبحرا وجوا، أتوا لتأدية مناسك معروفة مجدولة لهم من قبل رب السماوات والأرض يجب ألا يتأخروا يوما ولا يتقدموا يوما، حسابات دقيقة، باليوم وبالساعة. ولكل حاج منسكه، فهذا حاج سيزور المسجد النبوي ثم يعتمر ثم يحج، وعليه أن يهدي، وهذا حاج آخر له منسك آخر وعليه هدي، وهذا عليه دم، وكلهم يجب أن يصلوا إلى منى يوم الثامن، وعليهم الصعود إلى عرفة يوم التاسع مع شروق الشمس ومغادرتها مع مغيبها، ثم يبيتوا في مزدلفة حتى منتصف الليل، وهذا حاج يريد أن يترخص بالارتحال من مزدلفة إالى منى قبل الفجر، وهذا يريد أن يبقى حتى الفجر، وعليهم جميعا رمي الجمرات في موعدها وحلق رؤوسهم. ملايين من الحجاج عليهم أن يفعلوا كل ذلك وفق جدولة زمنية مخصوصة. وعلى المملكة العربية السعودية أن تستقبلهم جميعا وأن تهيئ لهم رحلة آمنة، مليئة بالذكر والاستغفار والإنابة، وتهيئة المكان لكل حاج حتى يناجي ربه في خلوة من الزمان والناس، لا تنشد من وراء ذلك ربحا، بل رضا الله وتوفيقه.
على الحاج أن يبدأ رحلته باختيار شركة خدمات للحج أو الطوافة، ثم على الحجاج ترتيب التأشيرات والحجوزات. وكل هذا سيتم من خلال سفارات المملكة في كل أصقاع الأرض، وكل فج عميق. يجب أن يتمكن كل حاج مسلم من الوصول إلى سفارات المملكة وإلى قنصلياتها، وأن يستقبل كحاج منذ اللحظة الأولى، وهو لم يزل في بلاده. ولقد رصدت وسائل الإعلام كثيرا من صور الفرحة التي يشعر بها حجاج بيت الله وهم في اللحظات الأولى من رحلة الحج العظيمة. مع كل هذا يجب أن تلتزم السفارات بما تم الاتفاق عليه بين الدول الإسلامية من نسب الحجاج، فمنطقة المناسك محدودة حتى يمكن استيعاب الحد الأعلى من الطاقة المتاحة للمشاعر للحجاج الذين يؤدون هذه الشعيرة لأول مرة، يتزامن ذلك مع أعمال توسعة كبرى مستمرة لمكة المكرمة والمشاعر المقدسة والمدينة المنورة. وبعد كل هذه الجهود الضخمة تبدأ الترتيبات لاستقبال الحجيج مبكرا، فاللجان العاملة تبدأ أعمالها كل عام منذ نهاية موسم الحج الذي قبله، ويبدأ التقييم والتخطيط للحج القادم، لجان من كل قطاعات الدولة العسكرية والمدنية. حتى إذا وصلت أول دفعة من حجاج بيت الله استقبلتهم المملكة بالورد والطيب، والترحيب، ثم تبدأ الأعمال الدقيقة لوزارات: الداخلية، الحج، الصحة، التجارة، الشوؤن الإسلامية، البلديات، النقل، وغيرها كثير. تقوم بعمل جبار من أجل التنسيق بين كل هذه الجهات، حيث نضمن سلامة الحج من الأوبئة التي قد تأتي مع الحجاج، وسلامة الطعام والمطاعم، وتوافر الماء والخبز، ووفرة الطعام للملايين من الحجاج. فالتنسيق بين الجهات يحتاج إلى فكر إداري متقدم، فلا يتقدم أحد على عمل الآخر ولا يتأخر أحد، حتى يؤثر في جاهزية الآخرين، عمل دقيق يستمر حتى ينتقل الحجاج إلى المشاعر وتنتقل معهم الخدمات كلها، ترافقهم، حتى المستشفيات والأسرّة والغرف، بل حتى العناية المركزة والعمليات، حتى أعلنت المملكة أنها نفذت عددا كبيرا من عمليات القلب المفتوح لعدد من الحجاج، ومع ذلك مكنت هؤلاء الحجاج من أداء مناسكهم.
كل هذا العمل الضخم جدا، قد يتأثر بممارسات سيئة مسيسة مصدرها نظام حكم الملالي في إيران، من أجل صنع فتنة في الحج وترويع الناس والخروج عن النظام.. هدفها التشكيك في قدرات المملكة ومهاراتها في إدارة الحج، وهذه شنشنة قديمة، هدفها تسيس الحج وإخراجه عما شرعه الله، لكن المملكة تدرك ذلك شعبا وحكومة، ولهذا فإن النجاح الذي تحقق بحمد الله وفضله في هذا العام، ليس جديدا على المملكة، بل هو ممارسة حقيقية لعمل إدارة الحج منذ سنوات طويلة، منذ أخذ المؤسس الملك عبدالعزيز على عاتقه إفراغ الحج من كل شعارات الأحزاب والطوائف والمذاهب، وأن يكون الدين لله وحده كما شرع. منذ ذلك الحين وعمل المملكة في الحج يحقق نجاحات كبيرة، لكن هناك من يريد زعزعة الأمن ويختلق الفتن ويؤذي الحجاج. وإذا كان الحلم من شيم العرب، فإن الحزم معه من شيم سلمان، الحزم مع كل من تسول له نفسه التلاعب بأمن هذه البلاد وأمن الحجيج.
فلما تلاحمت الإدارة الرائعة للحج والممارسات الجيدة والخبرات المتراكمة للحكومة السعودية في إدارة الحج والتجمعات الضخمة، لما تلاحمت هذه الصفة مع حزم الملك سلمان وشدته في الحق، فقد ظهر الحج هذا العام بشكل نوعي ونجاح فوق كل النجاحات السابقة، وهذا ما نحتاج إليه في الأعوام القادمة: سياسة سلمان في الحزم مع فكر الإدارة وخبرات العمل.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي