رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


نشاط التجزئة في الشركات العائلية

غالبية الشركات العائلية في بلادنا تعمل في مجالين رئيسين؛ ألا وهما العقار والبيع بالتجزئة، وقد ناقشت نشاط العقار في مقال سابق، وهنا سوف ألقي الضوء على وضع نشاط التجزئة الذي تديره الشركات العائلية. المتابع لعمل شركات التجزئة خصوصا الأسواق المركزية التابعة للشركات العائلية يرى أنها تعمل بطرق عشوائية وبدائية منعدمة فيها المهنية بسبب ارتكابها عدة أخطاء تنظيمية ورقابية ومحاسبية ونقص في تأهيل الموارد البشرية.
أهم ما تلاحظه في الأسواق المركزية سوء عرض وتنظيم البضاعة داخل السوق وتكديس بعض الأصناف في الممرات وضيق مساحات العرض، كما أن توزيع البضائع داخل السوق لا يخضع لخطة توزيع محددة إضافة إلى أن مظهر السوق بشكل عام من الداخل كئيب ولا يشجع على التسوق ناهيك عن عدم نظافة الرفوف وترسب الرمل على أصناف البضاعة لعدم تعهدها وتنظيفها بصورة مستمرة.
يوجد في غالبية الأسواق المركزية التي تمتلكها الشركات العائلية مستودعات متصلة بالأسواق يتم السحب منها إلى السوق وإرجاع البضاعة من السوق دون ترتيبات تنظيمية ودون دورة مستندية.. هذه الطريقة تؤدي إلى ضياع المسؤولية وفقدان بعض الأصناف في الاتجاهين وإيجاد بيئة خصبة للتلاعب؛ وهذا لا يقتصر على البضائع الأساسية، بل يتعداه إلى الأصناف الأخرى كالخضراوات والفواكه. فطريقة توريد الخضار والفاكهة وطريقة تسلمها وبيعها يشوبها الغموض، ما يعرضها للاختلاس والتلاعب. وهذا يدل على أنه لا يوجد تنظيم محكم لتسلم البضائع والرقابة على الرجيع،.
كما أن وضع نقاط البيع (الكاشيرات) غير انسيابي ولا يوجد بها مصدات أو إشارات لتوجيه المستهلكين بمكان الدخول والخروج. فالمستهلك يدخل ويخرج من مكان واحد، والمفروض أن يدخل من مكان ويخرج من مكان آخر عن طريق وضع مصدات معدنية تمنع المتسوقين من الخروج إلا بعد المرور من أمام «الكاشير» في شكل صفوف حتى يتمكن «الكاشير» من مراقبة الوضع.
أما من الناحية الرقابية فالأمر لا يقل سوءا.. فعلى سبيل المثال نجد غالبية الأسواق المركزية التابعة للشركات العائلية تضع كاميرات في بعض الأماكن الرئيسة من السوق بهدف المراقبة على البضائع وعلى سلوك المستهلكين ولمعرفة ما يحدث بين منسوبي السوق والمستهلكين، ولكن هذه الكاميرات غير مفعلة وشبه معطلة، أو قد لا تستخدم من الأصل، كما لا توجد وحدة متخصصة لمراقبة السوق والبضائع والعاملين وصناديق المحاسبة للحد من السرقات والمحافظة على الانضباط داخل السوق،.
يتضح كذلك أن مدير السوق يضطلع بمسؤوليات وصلاحيات، ولكن لا توجد أدوات رقابية موازية لهذا الكم من المسؤوليات، ما يجعل نظام الرقابة الداخلية في ضعف شديد يترتب عليه هدر وضياع موارد الشركة خصوصا في ظل انعدام تحديد المسؤولية بالسوق،.
يلاحظ أيضا تعدد منافذ الأسواق المركزية (ثلاثة منافذ أو أربعة أو أكثر أو أقل)؛ وهذا يضعف المتابعة والمراقبة بسبب عدم معرفة المنفذ الذي دخلت منه البضاعة والمنفذ الذي خرجت منه؛ ومن هنا تجد هذه الأسواق صعوبة في تحديد مقدار العجز في البضاعة؟ وكيف حدث؟ ومتى؟
المشكلة الرئيسة الثالثة لشركات التجزئة التابعة للشركات العائلية هي مشكلة مالية ومحاسبية؛ وأهمها آلية تحصيل الإيراد اليومي، فلا توجد إجراءات محددة ولا مستندات تحت إشراف الإدارة يتم بموجبها تحصيل الإيرادات اليومية الخاصة بالسوق من أمناء الصناديق وتوثيق التسليم والتسلم وإيداعها يوميا في البنك واستغلال السيولة اليومية المتدفقة في سداد الموردين والالتزامات وغيره.. وإنما تبقى الإيرادات سائبة وتتراكم في السوق ليومين أو ثلاثة عند أمناء الصناديق قبل إيداعها في حسابات الشركة في البنك، ولو أودعت في البنك فلا تتم معالجتها محاسبيا بطريقة سليمة؛ وهذا سبب رئيس لضياع موارد الشركة العائلية.
كما تواجه الأسواق المركزية مشكلة محاسبية أخرى تتمثل في التقارير الدورية والفترية والسنوية. فلا يتم تحرير أي تقارير دورية أو فترية أو سنوية عن أداء السوق بكل أقسامه لتساعد الإدارة في رسم السياسات واتخاذ القرارات المالية أو حتى الوقوف على مستوى أداء السوق وربحيتها.
وهناك مشكلة محاسبية أخرى تتمثل في هيكل صلاحيات الاستخدام على النظام المحاسبي. فمن المفترض أن لكل عامل بالسوق خريطة (هيكل) صلاحيات تنفيذية على النظام تتناسب مع مهامه الوظيفية بالسوق وتراعي متطلبات الرقابة الداخلية، لكن من الواضح عدم وجود تلك الصلاحيات، ما يؤدي إلى ضياع المسؤولية وإلى تعرض ممتلكات الشركة لسوء الاستخدام، كما أن هناك ضعفا واضحا لنظام الرقابة الداخلية على مستوى السوق؛ فنظام الرقابة الداخلية هو بمثابة الحارس السري للسجلات والممتلكات، وإيجاده وبناؤه في أي منشأة يتطلب هندسة احترافية تتناسب وحجم العمل وطبيعته وتكلفة الرقابة. إن نظرة سريعة إلى جميع أعمال الأسواق المركزية في الشركات العائلية تكشف ضعف، بل أحيانا انعدام وجود هذا النظام.
كما أن النظام المحاسبي للسوق نظام مختلف ومستقل عن النظام العام المستخدم في الأنشطة الأخرى للشركات العائلية كنشاط الجملة والعقار وغيره.. ولا يوجد بينه وبين هذه الأنشطة أي توافق أو تطابق، ما يعوق وحدة القوائم المالية للشركة، وقد يكون السبب أن الشركات العائلية تولي اهتماما بنشاط الجملة ونشاط العقار، وترى أن مهمة نشاط التجزئة لخدمة الجملة لا أقل ولا أكثر.
وآخر المشكلات المحاسبية لنشاط التجزئة في الشركات العائلية هي الجرد السنوي للبضاعة. فالجرد السنوي الذي يتم في الأسواق المركزية يعد جردا صوريا لا فائدة منه، ولا يحقق أهداف الجرد السنوي؛ إذ لا يستفاد منه في تحديد العجز ولا في تقويم المخزون، ولا في تحديد الربحية للسوق خلال الفترة، كما أنه يتم وفق طريقة غير معتبرة محاسبيا، فلا يتم تشكيل لجنة مستقلة لإعداده في حضور المسؤولين عن البضاعة، ولا يتم وفق إجراءات محددة تضمن دقته، كما أنه يتم بدون حضور محاسب الشركة؛ أي أن الجرد السنوي في الأسواق المركزية التابعة للشركات العائلية مجرد مضيعة للوقت والجهد.
هذه أهم المشكلات التي تواجه قطاع التجزئة التابع للشركات العائلية المتمثلة في الأسواق المركزية التي ينبغي الاهتمام بها ومعالجتها حتى تستفيد الشركات العائلية من فاعليتها وكفاءتها، وتكون رافدا قويا للنشاطات التقليدية الأخرى.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي