خرائط جوجل وتوفير الطاقة
في الحملة الوطنية لترشيد استهلاك الطاقة "كفاءة" تبين أن 20 في المائة من استهلاك الطاقة في المملكة يعود إلى قطاع النقل خاصة النقل البري، وتحديدا المركبات الخفيفة التي تشكل ما يزيد على 50 في المائة من استهلاك قطاع النقل، وأن معدل نمو الاستهلاك سنويا 4 - 6 في المائة، ويعتبر معدلا عاليا جدا مقارنة بعديد من البلدان المتقدمة والنامية، ووجهت نصائح لخفض الاستهلاك تضمنت تخفيف الأثقال التي في السيارة، وتقليل مدة تسخين السيارة إلى 10-30 ثانية، وتجنب التباطؤ والتسارع بشكل مستمر، والتوقف عن الاستخدام المفرط للمكيف، ومحاولة إنجاز المهام اليومية بأقل المشاوير.
إنجاز المهام اليومية بأقل المشاوير يتطلب معرفة ووسيلة ومهارة، وعلى قائدي المركبات أن يتقنوها لتخفيف استهلاك الوقود على المستوى الفردي لينعكس على المستوى الكلي في البلاد لتقليل معدلات النمو في الاستهلاك من جهة وتقليل الاستهلاك بالمجمل، لنحافظ على الثروة البترولية من الاستهلاك المحلي ونجعل النصيب الأكبر للتصدير، لنحصل على إيرادات تسهم في تعزيز قوتنا المالية والاقتصادية.
يبدو لي أن الوسيلة أصبحت متاحة ومعروفة، ومهارة استخدامها سهلة للغاية ويمكن لأي قائد مركبة استخدامها، هذه الوسيلة هي تطبيق خرائط "جوجل" الذي تم تطويره في الشهور الأخيرة ليعطي قائد المركبة أسرع طريق للوصول بعد أقرب طريق كما هو في السابق، وأسرع هنا تعني الطريق الأقل ازدحاما وبالتالي الأقل وقوفا والأقل استهلاكا للوقود، حيث تستهلك المحركات كميات أعلى من الوقود عند الوقوف خصوصا في فترة الصيف حيث ضرورة تشغيل المكيفات.
يقول لي أحد الأصدقاء وهو مستشار يتنقل بين المؤسسات والشركات ويهمه جدا الوقت "إنه كان ينتقل من إحدى المؤسسات الحكومية إلى إحدى الشركات من خلال معرفته بالطرق وتخمين ساعات الزحام خلال نصف ساعة، وفي يوم كان الوقت المتاح له للانتقال من المؤسسة الحكومية إلى الشركة أقل من نصف ساعة، وحينها استعان بخرائط جوجل ليجد نفسه وصل إلى الشركة خلال عشر دقائق فقط وبطريق مختصر وغير مزدحم، بل إن الحركة فيه أكثر من انسيابية"، ويقول "إنه من يومها لا ينتقل من مكان إلى آخر إلا باستخدام خرائط جوجل التي توضح له أسرع الطرق وأقصرها وتوفر عليه الوقت والوقود الذي زادت أسعاره أخيرا".
أحد الزملاء يؤكد أنه بعد أن طورت «جوجل» خرائطها لتعطيك الطريق الأسرع وهو أمر يتطلب المزج بين تقليل المسافة وتجنب الزحام وكلاهما من أسباب ضياع الوقت واستخدام مزيد من الوقود، يقول "إنه بات يصل في أسرع الأوقات وبطرق مختصرة لا تخطر له على بال، وإنه لم يعد يضيع وقته في الزحام ولم يعد يسأل أحدا حتى إن دخل أي مدينة لأول مرة في حياته"، ويضيف "أشعر بالامتنان لمن طور خرائط جوجل بهذا المستوى ووقانا الدخول في كثير من الازدحامات، كما الامتنان الذي أشعر به لمن صنع المكيفات ووقانا حر الصيف في البيوت والسيارات".
وأقول إذا كان تقليل مدة تسخين السيارات إلى عشر ثوان يوفر مئات الآلاف من لترات البنزين سنويا فما بالنا بتوفير عشرات الدقائق من قبل كل سائق يوميا يقضونها في الازدحام أو لقطع مسافات أطول للوصول إلى مقاصدهم بدلا من المسافات الأقصر والأسرع إذا استخدموا تطبيق خرائط جوجل واختاروا الطريق الأسرع والأقصر للانتقال من مكان إلى مكان آخر، بكل تأكيد سنوفر ملايين اللترات من الوقود بإذن الله كما سنخفف الزحام في الطرق، حيث لا يجتمع الناس على الطرق المعتادة والمعروفة من الجميع، بل سيتوزعون لاستخدام طرق عدة أقل زحاما، كما سيوجههم تطبيق خرائط جوجل حديثة التصميم، التي تحدث معلوماتها بالثواني لتكون على بينة من حركة الطريق أثناء انتقالك من مكان إلى مكان دون مفاجآت إلا في حالات نادرة بسبب الحوادث المفاجئة.
ماذا لو أضفنا إلى ذلك الاستفادة المثلى من كافة التطبيقات ومواقع الخدمات التي تقدم الوزارات والهيئات وبقية الأجهزة الحكومية والشركات والمصارف خدماتها من خلالها، باعتبارها مكاتب وفروعا إلكترونية لإنجاز المعاملات، بكل تأكيد سينخفض كثير من المشاوير التي تتطلب استقلال المركبات واستهلاك الوقود، وماذا لو أضفنا إلى ذلك استخدام الاجتماعات عبر التطبيقات الإلكترونية المشهورة وخفضنا عدد اجتماعات الحضور الشخصي التي اعتدناها، بكل تأكيد سنخفض حركة السيارات واستهلاك الوقود بشكل أكبر، ولكن كل ذلك يتطلب توعية وممارسة ومن ثم الوصول إلى مرحلة العادة.
كل المواقع والتطبيقات أصبحت اليوم حلولا إلكترونية لأمور ومشكلات عدة، وهي حلول تتطور شيئا فشيئا بمرور الوقت بشكل متسارع وتتطلب متابعة من المعنيين بتوظيفها لمصلحة تقديم الخدمات بكل أنواعها، كما تتطلب متابعة واستفادة من قبل الأجهزة المعنية بتقليل حركات المركبات وتوفير الطاقة ومن ذلك الوقود، وبكل تأكيد إذا تضافرت هذه الحلول مع حلول النقل المتمثلة في تطوير وسائل النقل الجماعي لنقل الأفراد والبضائع فستنخفض معدلات استهلاك الوقود بشكل كبير وقد تقل أيضا كميات استهلاكه، أو لنقل إنها تبقى ثابتة في أقل الأحوال.
تبقى مشكلة مهمة وحيوية يجب الالتفات إليها وتعاون الجهات المهنية لمعالجتها، وهي استخدام الهاتف الجوال أثناء القيادة، إذ لا يمكن الاستفادة من خرائط جوجل إلا باستخدام الهاتف الجوال، حيث إن التطبيق على الهواتف يتم تحديثه بالثواني بخلاف شاشات الملاحة التي في السيارات التي باتت من مخلفات الماضي كما يبدو لي، وأعتقد أن الحل يجب أن يكون بالتوعية بكيفية استخدام الجوال للاسترشاد إلى الطرق الأسرع والأقرب دون فقدان التركيز على الطريق، ويكون أيضا بتعميم ميزة التفاعل الراداري من قبل السيارة مع الأجسام القريبة والمتاحة في بعض السيارات كميزة استثنائية.
ختاما أتطلع إلى أن يلتفت المعنيون ببرنامج توفير الطاقة إلى توظيف الحلول الإلكترونية وإشاعة استخدامها من قبل أصحاب المعاملات وقائدي المركبات، لتقليل استخدام المركبات لإنجاز المعاملات من ناحية، ولاستخدام أقصر الطرق إذا لزم استخدام المركبة من ناحية أخرى.