رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


أهم ما نتعلمه من اليابان والصين و«العشرين»

ابتداء أهنئ الإخوة القراء بعيد الأضحى المبارك.
المقصود بـ "العشرين" مجموعة الـ 20 اقتصادا الأكبر في العالم، والسعودي منهم. ويعبر عنها عالميا بـ G20، وتعقد سنويا اجتماعات دورية يشارك فيها وزراء متعددة اختصاصاتهم غالبا في شؤون مالية/ اقتصادية كالمالية والبنوك المركزية والتجارة والاستثمار والطاقة، وتتوج بقمة سنوية. وقمة هذا العام عقدت في مدينة هونغجو أقصى شرق الصين يومي الرابع والخامس من أيلول (سبتمبر) الجاري، ورأس وفد المملكة ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. وقبيل لقاء قمة الـ 20 قام الوفد السعودي برئاسة الأمير محمد بزيارة رسمية للصين واليابان.
بلادنا تتطلع إلى تحقيق إصلاحات شاملة جوهرية بما يشبه الثورة. وكانت اليابان والصين من الدول والشعوب المتخلفة فحققت اليابان وتلتها الصين (ودول أخرى) نجاحات عظيمة عرفها واعترف بها الجميع. ويهمنا أن نتعلم ونستفيد من نجاحاتهم وأسبابها وكيف تحققت، فالسعيد من اتعظ وتعلم من غيره.
هناك مواضع استفادة كثيرة، ولكن أهمها تعلما وتطبيقا في نظري وتقديري من تلك الدول عامة ومن اليابان والصين خاصة هو "تربية أولادنا على الانضباط وتحمل المسؤولية". هذان أساسان بل شرطان مهمان من شروط تحقق تقدم وتطور أي بلد، ويجب أن يكونا من أساسيات اهتمام رؤية 2030.
الانضباط وتحمل المسؤولية خصال اشتهرت بها شعوب دول شرق آسيا كاليابان وكوريا الجنوبية والصين. وكتب علماء اقتصاد كبار ضمن كتابات متنوعة عن أنه ما كان لهذه الدول طلاق العالم الثالث والصعود إلى العالم الأول أو قريبا منه بما يسمى أحيانا الأسواق أو الدول الصاعدة ما كان لهم تحقيق هذا الصعود دون وجود الأساسين السابقين. ولمنع سوء الفهم، وجود تلك الصفات لا يلغي أهمية صفات أخرى لتحقيق تنمية اقتصادية.
ما علامات وجود الانضباط وتحمل المسؤولية؟
ترك الولع بالتبرير عند وقوع الأخطاء. مثلا، تقل نزعة الطالب الياباني والصيني في لوم الآخرين على إخفاقاته في الدراسة. في المقابل، لاحظ المؤلف الياباني أن الفرد العربي لدية نزعة شديدة إلى التبرير، وتحميل الآخرين مسؤولية ما يعانيه من مشكلات. كثرة التبرير تعني ضعف النقد الذاتي، وغياب النقد يؤدي إلى استمرار الخطأ. النقد الذاتي لا يولد عند التبريريين، وفاقدي تحمل المسؤولية. الإنسان في حاجة إلى النقد من الخارج ومن الداخل مهما كان موقفه، ومهما كانت وظيفته الرسمية أو الاجتماعية.
من علامات الانضباط وتحمل المسؤولية أن العام الدراسي في تلك الدول من أطول إن لم يكن الأطول على المستوى العالمي. إجازة الصيف لا تزيد على شهر ونصف الشهر. ومن يرغب في التأكد في اليابان مثلا فإليه مصدر:
http://web-japan.org/kidsweb/explore/schools/q4.html
واليوم الدراسي ثماني ساعات تقريبا. وتوفر المدارس برامج خلال الإجازة الصيفية، ويلتحق بها كثرة أو أكثر الطلاب. وعموما الكلام كثير وذو شجون عن انضباط وتحمل المسؤولية في ثقافة شرق آسيا.

ما الوضع عندنا؟
كنا قبل عصر النفط أكثر انضباطا وتحملا للمسؤولية، لكن دخل النفط أفاد من جهة وخرب من جهة أخرى. بعد النفط، وخاصة منذ ارتفاع أسعاره خلال حقبة السبعينيات من القرن الميلادي الماضي، تصاعد الإنفاق الحكومي بحدة، وارتفعت الدخول والثروات، وضرب التضخم البلاد ضربا.
نبتت في المجتمع عدة أوهام عن أوضاعنا المالية. توهمنا أن المال وفير جدا متاح لتحقيق كل الرغبات والطلبات وحل كل المشكلات عاجلا غير آجل. وتوهمنا أن أسعار وإيرادات النفط ستبقى مرتفعة ومجزية لتأمين مستوى معيشي مرتفع لعامة الشعب، ونظر إلى النفط كما لو أنه مورد غير ناضب. طبعا ضمن هذه الأوهام، هجرت المهن، وضعفت قيم الإنتاج وتحمل المسؤولية واتسع باب الاستقدام اتساعا. ومع الوقت أصبحنا اتكاليين أكثر فأكثر على غيرنا من اليد العاملة المستوردة.
لكن الأمور لم تجر كما نشتهي أو نتمنى.
ويهمنا هنا كيف نغير من الوضع فيما يخص زيادة وتقوية المسؤولية والانضباط لدى أطفالنا وأولادنا؟
مما أراه في مواجهة هذا التحدي أن تضع وزارة التعليم خطة تنفيذية مدروسة لرفع الانضباطية والمسؤولية في طلاب المدارس. ولها أن تستعين باليابانيين والصينيين وغيرهم لتحقيق هذا الهدف.
من الوسائل تأسيس مركز استشاري تربوي وطني بفروع ومراكز تغطي أجزاء واسعة من وطننا مهمته الأولى تقديم الاستشارات والتوعية بما يؤدي إلى النهوض بمستوى الانضباط والوعي والمسؤولية في المجتمع تلاميذ المدارس خاصة وغيرهم عامة. كيف ومن يؤسس؟ موضوع مستقل يحتاج إلى تفاصيل.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي