حقائق جلية في صور الحجاج .. رعاية وأمن وأمان
كل عام وأنتم بخير، وحجاج بيت الله الحرام بخير وأمن وأمان، في ظل رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز. وبلاد الحرمين منذ نشأتها حريصة كل الحرص على أن يعود الحج كما سنه النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وكما قال لأمته "خذوا عني مناسككم"، فقد طاف بالبيت وعظمه ثم صعد إلى عرفات وخطب في الناس خطبة الوادع، ثم بات في مزدلفة ورمى الجمرات في منى يوم العيد الأكبر وضحى، ثم حلق وكبر الله كثيرا، وحمده، وقال "إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا". هذه هي السنة النبوية العظيمة: عصمة الدماء، والأموال. لم يأت النبي بشعارات، ولا مظاهرات، لم يأت بطائفية، ولا عرقية، ولا مذهبية، بل جاء بالحج كما شرعه الله، جاء في إزار ورداء أبيضين ليقول "ليس لعربي على أعجمي فضل عند الله إلا بالتقوى". لكن الأمة بعده اختلفت كثيرا وجاءت المذاهب والعصبيات، حتى أصبح لكل مذهب بيت حول الكعبة، ولكل مذهب إمام، ولا يحج المذهبي إلا مع أمامه، وانتشرت البدع، وفقد الناس دينهم وعاد الإسلام غريبا كما بدأ.، إلى أن جاء الملك المؤسس عبدالعزيز بن سعود ليعيد للأمة طريقتها المثلى على سنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم. فدخل مكة وأزال كل مظاهر التفرقة والمذهبية من حول الكعبة، وأصبح الناس على إمام واحد، وفي الحج على خطيب واحد، وصلى الناس في عرفات على المناسك التي تعلموها من النبي صلى الله عليه وسلم. ثم تعاهد أبناء الملك المؤسس على خدمة الحجيج وراحة المصلين وزوار بيت الله العتيق، وأصبح الأمن والأمان راية ترفع في الحج، لا يجتمع الناس في الحج لغاية إلا غاية العبادة بأمان، حج بأمن وأمان، حج لغاية عبادة الله، حج ليس لراية سياسية ولا حزبية ومذهبية ولا عصبية مهما كان مصدرها، ولقد تعاملت الدولة بحزم حتى مع أبنائها الذين خرجوا عن السبيل المستقيم، واعتقدوا أنه يحل لهم العبث بأمن البيت وزواره.
كل عام وأنتم بخير، وهذا البلد ينعم بخير وأمن في ظل هذه القيادة الصادقة المعطاء، فلم تتاجر بالحج، بل اعتبرت كل ما تقدمه في هذا المحفل الإنساني الإسلامي الأعظم، صدقة لله وقربة يجب ألا يداخلها رياء ولا مفسدة. لكن مع تطور الأدوات الإعلامية حتى أصبحت في يد كل زائر وحاج من خلال هاتفه المتنقل وما ينشره على صفحات التواصل العالمية، ظهرت حقائق جلية واضحة، وظهر حجم العمل الضخم الذي قامت وتقوم به حكومة المملكة في الأصعدة كافة. صور هنا عن الأمن ورجاله في كل مكان، هذا يحمل طفلة، وهذا يعين رجلا تقدم به العمر، وهذا يراقب من كثب فوج الجحيج حتى لا يعكر صفو خلوتهم مع الله أحد.. وهناك صور أخرى عن الصحة ونقل المرضى من المستشفيات إلى منى ليشهدوا الحج ولا يفوتهم حجهم بسبب مرضهم وقد أتوا من أطراف الدنيا، وصور شتى انتشرت وعمت عن الجهود الكبيرة التي تقوم بها الجهات المختصة، وصور أخرى عظيمة لرجال عظماء سخروا كل غال ونفيس للحجاج، مع ثقافة التعامل مع التجمعات الضخمة وتسييرها وفق خطط مرسومة بعناية، صور تشير إلى مستويات الحرية في الحركة والعبادة التي ينعم بها كل مسلم جاء ليعظم شعائر الله. من يرى الأعداد الغفيرة من الحجاج، في مكان واحد وصعيد طاهر، مكشوف، يتساءل: من أين يأتيهم غذاؤهم، ومن يراقب سلامتهم، ومن يرعى ضعيفهم ومريضهم، ومن يقودهم في طرق لم يعرفوها قط ولم يزوروها يوما. كل هذا بلا ضجيج ولا صخب، ولا افتعال، لكن هذه الأمور جميعها تسير على ما يسرها الله عليه، وهذا ما أنعم الله به على هذا الوطن، فقد وضعت حكومة خادم الحرمين الشريفين الحج وأهله في مقام رفيع، ولم توظف الحج لها أو لمصالحها، بل صانت الأمانة وحفظت العهد.
كل عام وأنت بخير، الحمد الله الذي أتم على الحجاج حجهم بصعود عرفة بسلامة ويسر وسهولة، ورعاية شاملة. وللحق فإن ما تم إنجازه في هذا اليوم المشهود من الله، عمل يستحق من المسلمين كافة الإشادة ويستحق الاحترام، وبرغم أن حكومة السعودية تبذل جهدها في خدمة الحجيج دون أن تطلب في ذلك مقابلا، أو حتى شكر الناس، بل تطلب الفضل من الله وحده، لكن الرسالة وصلت مع صور الحجيج في يوم عرفة، وفي مزدلفة، نقلتها وكالات الأنباء، من شرق الأرض إلى غربها، فقد كانت الجهود جبارة وحجم التنظيم مذهل، والحجيج بحمد الله وفضله ينعمون بأمن وأمان وراحة واطمئنان، ويصلون بيسر بين الركن والمقام.