رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


المعاني الإيمانية والقيم الروحية في يوم عرفة

اليوم الأحد التاسع من شهر ذي الحجة، واليوم الوقوف بعرفة وهو أحد أركان الحج؛ بل هو الحج، فقد أخبر بذلك سيد المرسلين وخاتم النبيين ـ عليه أفضل الصلاة والسلام ـ حين بلغ أمة الإسلام بأن الحج هو يوم عرفة والوقوف بها، وأن من وقف بها قبل غروب الشمس فقد أدرك الحج. إنه يوم مشهود تجتمع فيه أمة الإسلام على صعيد واحد لا فرق بينهم في أداء هذه الشعيرة، فهم في لباس واحد ومكان واحد يؤدون شعيرة واحدة، وفي هذا معنى لوحدة المسلمين؛ فهم كالجسد الواحد رغم اختلاف الأعراف والأجناس والثقافات واللغات، جميعهم في عبادة الواحد الأحد لا غني أو فقير لا كبير أو صغير؛ يقتفون أثر نبيهم ـ عليه الصلاة والسلام ـ حين قال "خذوا عني مناسككم".
إن يوم عرفة يجيب عن كثير من التساؤلات التي تدور في ذهن أي إنسان مسلم؛ فكل مسلم على ثغر من ثغور الإسلام ينوب عن باقي الأمة متى أدى واجبه وتحمل مسؤوليته، وإن انعدام المسؤولية يؤدي إلى مظالم شهد التاريخ أنها كانت سببا في سقوط حضارات وتفتت مجتمعات، وإن المسلمين اليوم في أمس الحاجة إلى من يذكرهم في مناسباتهم الدينية بحقيقة المسؤولية التي تعد من المسلمات والأمور التي لا يجوز تجاوزها؛ بل إن خير الخلق محمد ــ عليه أفضل الصلاة والسلام ـ أخبر أمة الإسلام بأن كل فرد فيهم "راع ومسؤول عن رعيته"، وهي مسؤولية وأمانة لا يخلو أحد من واجبها والقيام بها.
إن الوقوف بعرفة يعطي المسلمين كثيرا من المعاني الإيمانية والقيم الروحية التي غابت عن حياتنا اليومية، وأهمها أن هناك دعوة لكل شعوب العالم الإسلامي، إلى الحفاظ على وحدتها ونبذ الفرقة والاختلاف والقيام بواجب الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وبيان أحكام الشرع على وجهها الصحيح. إنها المسؤولية التي يجب أن نتعلمها ونعمل بها ويذكر بعضنا بعضا بها، وهو مبدأ سارت عليه هذه البلاد منذ توحيدها على يد مؤسسها الراحل الملك عبد العزيز ــ رحمه الله وطيب ثراه ــ وسار على نهجه أبناؤه من بعده حتى تسلم القيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، الذي عزز لدى المسؤولين معنى المسؤولية وركز عليها في أعماله وقراراته.
ولعل ما نشهده من تطوير في خدمات الحج ومشاريعه وتنظيماته، شاهد على أن المسؤولية هي لب الإدارة وهدفها وطريقها الذي لا تحيد عنه، فموسم الحج يعد موسم استنفار أمني وخدماتي تشارك فيه جميع الأجهزة الحكومية دون استثناء، وهذه العناية الفائقة ليست وليدة السنوات الأخيرة التي تزايد فيها عدد الحجاج وتيسرت فيها سبل الحج، ولكنها عناية ولدت مع ميلاد الدولة السعودية التي رأت أن من واجبات ولي الأمر القيام بنفسه على رعاية شؤون الحج، فهذا الركن العظيم من أركان الإسلام يميز المسلمين في عبادتهم فيتبعون في ذلك رسولهم ـ عليه أفضل الصلاة والسلام ـ وكذلك الخلفاء الراشدين.
إن المملكة لم تكن في يوم من الأيام تنتظر من أحد جزاء ولا شكورا على قيامها بواجبها الذي تستعين فيه بالله ــ سبحانه وتعالى ــ ثم بسواعد أبنائها من رجال الأمن والقائمين على الخدمات، حيث تنظر الدولة إلى موسم الحج على أنه شعيرة دينية ومصالح اقتصادية لكثير من المسلمين في الداخل والخارج، وتحرص الوزارات والمصالح الحكومية على استمرار تلك المصالح، بل دعمها أيضا دون أن تكون هناك رسوم أو ضرائب أو جباية من أي نوع كان، فالدولة لا تريد سوى نجاح موسم الحج وتحقيق مصالح البلاد والعباد. إن خادم الحرمين الشريفين، وأفراد الأسرة المالكة كافة، والشعب السعودي، يهنئون العالم الإسلامي بعيد الأضحى المبارك، ويتمنون للأمة الإسلامية العزة والرفاهية، كما يرفعون أيديهم إلى الله ـ سبحانه وتعالى ـ بالشكر والثناء على نعمه العظيمة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي