دماغ المراهقين
دخل ابن أستاذة ورئيسة قسم علم الأعصاب في جامعة بنسلفانيا، الدكتورة فرنسية جيستين، المراهق المنزل وقد صبغ شعره مع خصلات باللون الأحمر. جن جنون هذه الأم المثقفة والعالمة. أثارها سلوك ابنها المتفوق المفاجئ؛ للبحث عن دوافع سلوكيات المراهقين الغريبة لا سيما أن لديها ابنين مراهقين وتود أن تفهم كيف يتصرفان وكيف تتعامل مع سلوكياتهما. فقامت بدراسات وقراءات عديدة لدماغ المراهقين أثمر عن كتاب جميل أسمته (دماغ المراهقين) ويسعدني أن أشارككم مقتطفات مهمة منه.
1 -أثبتت دراسة قامت بها جامعة ميزوري الأمريكية أن ستة آلاف مراهق تقريبا الذين يموتون كل سنة بحوادث السيارات 87 في المائة منهم يموتون بسبب السياقة مع وجود ملهيات.
وأكدت جامعة كارولينسكا السويدية في دراسة عام 2009 حين استخدموا صور الرنين المغناطيسي الوظيفي لأشخاص يقومون بمهام متعددة ليضعوا نموذجا لما يحصل في الدماغ أنه حين نحاول القيام بأكثر من شيء واحد في الوقت ذاته سيصبح التركيز على أكثر من مهمة مستحيل نوعا ما. وتزداد الصعوبة لدى المراهق الذي لم تكتمل فصوصه الجدارية التي تقوم بدور التركيز في الدماغ. استخدام الهاتف أثناء السياقة يشكل خطرا على حياتنا جميعا. لكن الخطر يتضاعف إذا كان المستخدم مراهقا.
2 - هرمون التوتر THP الذي يتم إفرازه استجابة للتوتر والتخفيف عن القلق له آثار عكسية على المراهقين. فإذا كان يهدئ الكبار فهو يزيد من توتر المراهقين. فالمراهقون لا يتمتعون بدرجة احتمال الضغوط نفسها التي يظهرها البالغون كما أنهم يعانون أكثر من المشكلات الفيزيولوجية والأمراض الناتجة عن التوتر، كالزكام والصداع وآلام المعدة، إضافة إلى أعراض وبائية تراوح بين قضم الأظفار واضطرابات الأكل الشائعة بين مراهقي هذه الأيام.
3 - دماغ المراهق مليء بالتناقضات والمادة الرمادية فيه وفيرة (العصبونات التي تشكل البنية الأساسية للدماغ) في حين يوجد شح في المادة البيضاء (الروابط التي تساعد في تدفق المعلومات بفعالية من جزء من الدماغ إلى آخر). ولهذا يشبه دماغ المراهق سيارة فيراري فهي مزودة ومجهزة بإمكانات لا تخطر على البال لكن لم يتم اختبارها على الطريق. أي أنها مجهزة وجاهزة تماما للانطلاق لكن لا تعرف كيف وإلى أين تنطلق؟
4 - دماغ المراهق يرى الهرمونات الجنسية لأول مرة لذلك لا يعرف كيف يستجيب إلى هذا التدفق من المواد الكيماوية. فالتستوستيرون والإستروجين والبروجسترون هرمونات جنسية تثير تغييرات فيزيولوجية تفسر لماذا المراهقون متقلبون عاطفيا. وختاما، تقول الدكتورة فرنسية جينسين، دعوا المراهقين يجربوا تلك الأشياء غير المؤذية حتى لا يتمردوا ويقعوا في مشكلات أكثر خطورة. جربوا ألا تركزوا على ربح معركة وإنما على ربح الحرب بكاملها.
ما لا تريدون فعله هو الاستهزاء أو الرفض أو الشجب وإنما عليكم بمحاولة فهم أبنائكم. فلديهم تحديات يعانون منها ولا يعرفون أسبابها. قبل أن تسدوا إليهم النصائح كونوا بالقرب منهم والعمل على فهم كيف يتعلمون ويرتبكون ويخطئون. تأكدوا أن أياديكم قريبة منهم تربت على أكتافهم في الوقت المناسب وتساعدهم على النهوض حينما يحتاجون إلى مساعدتكم. لا تقسوا عليهم فهم إذا أتعبوكم قليلا سيكونون قريبا مصدرا لفخركم.