تكوين القدوات
حديثي بالأمس قطعه طفل كان يمارس اللعب بـ "دباب" من التي تغص بها منتزهات بلادنا. قال الصغير ـــ عندما رجوته ألا يثير الغبار علينا - كلمة متداولة: "وهذي لعيونك" وقام بحركة دائرية أثارت المزيد من الغبار.
أدخلني هذا مع جليسي في حوار عن الحالة الاجتماعية التي نفتقد فيها الاحترام للكبير، وانعدام روح الاهتمام بالآخر، بل وتدمير البيئة بوسائل الترفيه واللعب التي إن لم تصرع الأطفال، فقد تؤدي به إلى المستشفيات، أو على الأقل التسبب في قلق وإزعاج والديهم وأسرتهم.
هذا يعيدني لموضوع مقال الأمس وما وصلت إليه من ضرورة تعاون البيت والمدرسة والمؤثرين في وسائل التواصل لتكوين منظومة متعاونة تحاول أن تبث روح الخلق القويم والتعاون والمحبة وخدمة المحتاج وغيرها من القيم المهمة لبقاء ونجاة المجتمعات.
في سبيل ذلك بذلت اليابان في منتصف السبعينيات من القرن الماضي الكثير من الوقت والمال لتكوين منظومة متزنة تحافظ على أدوار الجميع وتبقي الصغار على علم بأهمية دورهم، وضرورة تعاونهم في بناء المجتمع الذي سيعيشون فيه، وهم أكثر المتأثرين من انحرافه أو انتشار الفساد والجريمة فيه.
ظهرت في تلك الفترة مفاهيم الخدمة المجتمعية سواء في المدارس التي لم يكن يعمل فيها عمال نظافة وإنما تعتمد على مدرسيها وأبنائها في البقاء على مستوى عال من النظافة، بل إن التنافس كان محموما للفوز بالمراكز المتقدمة في الحفاظ على البيئة.
الممارسات الأخرى كانت تندرج ضمن تعظيم دور الطلبة في الخدمة المجتمعية والعناية بالكبار والاهتمام بالمنزل وخصوصا غرفهم وألعابهم، وهذه أعمال نفتقدها في مجتمعاتنا. هنا يلاحظ أن تكوين الطالب المسؤول عن بيئته وحياته وأسرته سيكون مساعدا أكبر في ترويض الاندفاع باتجاه تحقيق المكاسب الشخصية، ويجعلهم أكثر حرصا ومراعاة لمشاعر الآخرين، وهو أمر يحتاج إليه الطفل الذي في صدر مقالي هذا.
يتركز التحدي الجديد لمجتمعات اليوم في قضايا تخطيط عمليات التربية لضمان تكاملها، ووصولها إلى تحقيق أهداف تجعل وسائل التواصل الاجتماعي إيجابية الأثر في الأبناء والبنات، من هنا يمكن الحديث عن تنظيم حصص دراسية في المدارس يمكن خلالها مناقشة التوجهات TRENDS التي تسيطر خلال وقت معين ومناقشتها وتعريف الأبناء على مختلف جوانب تلك التوجهات، ويسري الكلام نفسه على الهاشتاقات والسنابات وغيرها ومن وسائل التأثير المجتمعي في الإنترنت.