الصكوك الإسلامية.. وإدراجها ضمن مؤشرات الأسواق الناشئة

في خبر يعد مؤشرا على اهتمام أكبر من المؤسسات الكبرى عالميا بالتمويل الإسلامي، أعلن "جي بي مورجان JP MORGAN ــ في خبر نشرته وكالة "رويترز" ونقلته مؤسسات إعلامية أخرى، منها "العربية نت" في موقعها الإلكتروني ـــ إدراج السندات الإسلامية "الصكوك" في مؤشراته للأسواق الناشئة للمرة الأولى في وقت لاحق هذا العام. وسيدرج البنك الذي يدير معظم المؤشرات القياسية الأوسع استخداما لديون الأسواق الناشئة، ثمانية صكوك في باقة مؤشراته بدءا من 31 تشرين الأول (أكتوبر). والصكوك الثمانية التي سيدرجها البنك في مؤشره (إي إم بي آي جلوبال دايفرسفايد) مقومة بالدولار ومصدرة من تركيا وماليزيا وإندونيسيا".
الصكوك الإسلامية تعد أحد المنتجات التي تقدمها المؤسسات المالية الإسلامية التي بدأت تكتسب زخما كبيرا عالميا، بحسب أنها أداة ينظر إليها بأنها متوافقة مع الشريعة، وتقدم خيارات تمويلية متعددة تقوم على ملكية مشتركة بين مجموعة من الأفراد لأصول يتم بيعها أو تأجيرها بعائد ثابت أو متغير، على أن يتم بيع هذه الأصول لاحقا وإعادة قيمتها إلى حملة الصكوك، أو أن تكون هذه الأداة سببا في تملك أصول شركات يمكن أن تتحول إلى أسهم في تلك الشركات.
الصكوك الإسلامية تعد أحد البدائل التي يمكن أن يستعاض ببعض صورها بالسندات التقليدية، وذلك لما تتميز به من أنها تقدم تمويلا للشركات والمؤسسات المالية، وعائدا شبه ثابت لحملة الصكوك، والصكوك الإسلامية اكتسبت زخما كبيرا بعد الأزمة المالية العالمية في عام 2008، بعد اهتمام المؤسسات المالية العالمية بالمنتجات المتوافقة مع الشريعة، ووجود أزمة في الحصول على مصادر للسيولة، ما حفز كثيرا من الدول والمؤسسات المالية إلى الاستعانة ببعض منتجات التمويل الإسلامية، ومن أكثرها الصكوك الإسلامية، ما جعل هذه الأداة تحظى بمزيد من الضبط والإصدارات في مختلف دول العالم، حيث أصبحت الصكوك الإسلامية من الخيارات الجيدة والأقل مخاطرة لدى المستثمرين.
إعلان "جي بي مورجان" إدراج الصكوك الإسلامية ضمن مؤشراتها للأسواق الناشئة، يزيد من كفاءة هذه الأداة من الناحية المالية، كما أنه قد يشجع البلدان التي أصدرت تلك الصكوك على مزيد من الإصدارات، خصوصا مع حرص دول كثيرة عالميا على توسيع قاعدة مصادر جذب السيولة، خصوصا الاستثمارات الأكثر كفاءة من مؤسسات عالمية تضخ مليارات الدولارات إلى تلك الأسواق. ما يميز هذه الإصدارات أنها مقومة بالدولار، وهذا قد يكون من أسباب ميل كثير من المستثمرين إلى الاستثمار في مثل هذه الأداة، على أساس أن الدولار يعد من العملات الأكثر استقرارا، خصوصا مع وجود تقلبات في أسعار العملات الأخرى عالميا واستقرار أكبر للدولار، بل أصبح يزداد قوة وثقة عالميا خصوصا بعد تحسن الاقتصاد الأمريكي، وميل "الاحتياطي الفيدرالي" إلى رفع سعر الفائدة في المستقبل القريب، ما سيدفع إلى الإقبال بصورة أكبر على الاستثمارات أو الأدوات المقومة بالدولار، كما أنه سيزيد من عوائدها.
إجراء "جي بي مورجان" ينبغي أن يشجع هيئة سوق المال في المملكة على العمل على تعزيز كفاءة إصدارات الصكوك الإسلامية في سوق الصكوك، إضافة إلى الاهتمام بإدراج الإصدارات الحالية ضمن تلك المؤشرات، خصوصا أن المملكة تعد الأضخم في أصول التمويل الإسلامي، كما أن الطلب على الصكوك الإسلامية محليا كبير جدا، وثقة المستثمرين به عالية سواء من المؤسسات المالية أو رجال الأعمال والمستثمرين. من الأمور التي يمكن أن تتم دراستها، استيعاب بعض الإصدارات التي يمكن أن تقوم بعملات أخرى، فهو وإن كان غير معتاد عليه داخل السوق السعودية، إلا أن "رؤية المملكة 2030" تسعى إلى زيادة حجم الاستثمارات العالمية، ووجود منافذ للاستثمار بعملات أخرى خصوصا العملات الرئيسة، قد يكون أحد أسباب استقطاب الاستثمارات العالمية، ويزيد من فرص إدراج بعض تلك الأدوات ضمن المؤشرات لمؤسسات مالية عالمية.
الخلاصة أن إدراج بعض إصدارات الصكوك الإسلامية ضمن مؤشرات "جي بي مورجان" للأسواق الناشئة، سيزيد من حجم الثقة بهذه الإصدارات وزيادة كفاءة الصكوك الإسلامية، وهذا الإجراء قد يحفز السوق المالية السعودية على العمل على تحسين جودة إصدارات الصكوك مستقبلا، ليكون لديها فرصة أكبر لإدراجها ضمن مؤشرات المؤسسات المالية العالمية، كما أن إتاحة الفرصة لإصدارات مقومة بعملات عالمية قد يكون أمرا إيجابيا لزيادة كفاءة تلك الإصدارات، وزيادة فرص تدفق أكبر للاستثمارات الأجنبية في المملكة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي