النمو الاحتوائي في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى

النمو الاحتوائي في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى

يقع النمو في صميم المهمة المنوطة بصندوق النقد الدولي، ولكنه بدأ يسعى في السنوات الأخيرة إلى النظر فيما هو أبعد من الأرقام، وفي كيفية توزيع ثمار النمو، وكيفية تأثيره في حياة الشعوب. وبدأنا نحاول أيضا إدخال هذا التحليل في عملنا مع البلدان الأعضاء. ومن الملاحَظ أن كلاً من البلدان الأعضاء ومنتقدي الصندوق يُبدون فهما متزايدا لما نقوم به. وتهدف هذه التدوينة إلى التوسع في هذه المناقشة، بالإجابة عن بضعة أسئلة شائعة حول ما نحاول القيام به، وإلى أي مدى تقدمنا في تحقيقه.
ويعتبر الصندوق من الرواد في تحليل قضايا النمو الاحتوائي. فتقاريرنا عن الوظائف والنمو، وعدم المساواة، وقضايا الجنسين، كلها تسلط الضوء على أهمية هذه القضايا بالنسبة لعملنا. وقد أجرينا تحليلا تشخيصيا لقضايا النمو الاحتوائي في كل بلد – مع إبراز أوجه التفاوت في توظيف العمالة بين مجموعات البلدان أو المناطق الجغرافية، أو المعاملة التفضيلية لبعض قطاعات النشاط، أو الافتقار إلى فرص الوصول إلى الخدمات الأساسية. كذلك صممنا المشورة التي نقدمها بشأن السياسات على نحو يتيح مواجهة هذه التحديات في سياق التقارير الرقابية التي نصدرها تحت مظلة مشاورات المادة الرابعة، والمناقشات التي نجريها مع الحكومات، وتصميم برامج الإصلاح التي ندعمها في البلدان الأعضاء. وفي حالة تونس على سبيل المثال، تضمن برنامج الحكومة المدعم من الصندوق تركيزا على إقامة نظام ضريبي كفء وعادل، وتحسين إجراءات الموازنة وتعزيز شفافيتها. وفي حالة مصر، ركزت مشاورات المادة الرابعة الأخيرة على القيود التي تعوق النمو وإيجاد فرص العمل في مصر وما يمكن القيام به للتغلب عليها..
يشكل إصلاح الموازنة عنصرا من العناصر التي يتألف منها الكثير من برامج الصندوق، ولكن أحد الأهداف الأساسية لهذا الإصلاح هو إتاحة الفرصة لمزيد من الإنفاق الأفضل جودة على برامج البنية التحتية والتعليم والرعاية الصحية. وتؤخذ اعتبارات العدالة في الاعتبار عن طريق التركيز على توسيع القاعدة الضريبية، ولا سيما من خلال إدخال المواطنين في الشبكة الضريبية بإزالة الثغرات والامتيازات الخاصة. ففي باكستان، على سبيل المثال، وهي بلد يبلغ تعداد سكانه 180 مليون نسمة، لا يقدم إقرارات ضريبة الدخل إلا 1.2 مليون فرد وشركة، منهم نحو النصف من الشركات. ويجب تغيير هذا الوضع حتى يصبح من يتحملون عبئاً أكبر هم من يجب أن يدفعوا الضرائب – وليس من يدفعون ضرائبهم بالفعل.
وتسعى برامج الصندوق أيضا إلى حماية أضعف شرائح السكان. وقد تضمن برنامج كل من باكستان وتونس زيادات في التحويلات النقدية الموجهة لأفقر الفئات (على غرار التوسع في “برنامج بنازير لدعم الدخل” في باكستان، أو زيادة نظام التحويلات النقدية القائم في تونس). وتتم مراقبة هذه النفقات في إطار البرامج لضمان كفايتها للأهداف المتفق عليها..
وكثيرون تساءلوا عن تركيز الصندوق على دعم الوقود باعتباره يتعارض مع تحقيق النمو الاحتوائي. فعلى سبيل المثال، يشعر البعض أنه ينبغي الإبقاء على هذا الدعم كشبكة أمان للسكان محدودي الدخل؛ لأنه يحافظ على انخفاض الأسعار.
والواقع أن المستهلكين الأثرياء يحصلون على معظم منافع الدعم؛ لأنهم يستهلكون معظم الوقود والكهرباء. ففي غالبية بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، يحصل أغنى 20 في المائة من السكان على قرابة 60 في المائة من الإنفاق الكلي على دعم الوقود. ونحن ندعم أيضا حماية الفقراء من الارتفاعات الكبيرة في أسعار الطاقة من خلال زيادة الإنفاق على شبكات الأمان الاجتماعي في الحالات التي يتم فيها إلغاء الدعم.

*مستشاران في صندوق النقد

الأكثر قراءة