رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


الشيلات وما تفعل

طلب مني قريبي أن أرافقه في جولة بالسيارة، وما إن تحركت السيارة حتى بدأ في تشغيل شيلة تمتدح قبيلة، وعائلة معينة وأخذ يتمايل مع الشيلة ومعانيها، رغم أن محدثكم من أعداء الشيلات، إلا أنني اضطررت لمسايرة الوضع لما شاهدته من حماس لدى صاحبي.
كتبت سابقا عن الشيلات وعودة القبلية والعصبية والتقليل من شأن الآخر، وكل هذه الأمور بعيدة كل البعد عن مبادئنا وقيمنا وكتب غيري كثير، لكن أصحاب رؤوس الأموال ومن لم يجدوا من إنجاز سوى إقامة الحفلات ودعوة الشعراء وتسجيل الأشرطة المادحة، التي تحقق لهم ما يريدونه من تقديس الذات ورفع المقام في قنوات المدح الفضائية، والتداول بين الشباب المتعطش لهذا الفكر الغريب، آثروا أن يجعلوا من العودة للماضي المبني على التناحر وسيلة للبقاء في عالم مختلف تماما.
لاحظوا أن العالم يتجه نحو دعم الابتكار والإبداع، والدفع باتجاه تشجيع العلم، ومع ذلك يبقى البعض حبيس فكرة أو معركة وقعت قبل 500 أو ألف سنة، ويجعل من ذاته المنتصر الأعظم رغم ما يعانيه من قصر نظر ووجود روايات تصف الأمر بشكل مختلف تماما.
إن التحول العجيب نحو الماضي وإهمال المستقبل أمر خطير، خصوصا إذا كان البحث في الماضي يستهدف الآخرين ويقلل من قيمتهم، ولا يستلهم العبر من هذا الماضي.
كانت المزاينات واحدة من وسائل دعم التراجع عن الوطنية واستعادة مفاهيم لا تسهم في نفع الوطن أو تطوره أو تعاون وتحاب وتفاهم مختلف مكوناته. الوطن الذي نحتاج اليوم إلى التجمع حوله وربط كل أعمالنا وإنجازاتنا به.
قد يرى البعض أن من المهم التعرف على تاريخه، هذا لا غضاضة فيه، لكن أن نجعل هذا الماضي وسيلة للتفرقة بين أبناء الوطن الواحد، فصدقوني أن هذا أول عناصر هدم الوطن الذي يعيش وينمو بتعاون كل مكوناته وليس بتناحرهم واختلافهم وهو أمر قد يلاحظه من يتابع هذه الشيلات وما تفعله.
بل إن الشيلات المتأخرة بدأت في التفرقة بين أهل القبيلة الواحدة، وهنا أنبه إلى أن الاستمرار في هذا الأمر سيؤدي للمزيد من التعصب والإساءة للوطن وكل المواطنين، وهو أمر لا يرضاه عاقل ينتمي لهذا الوطن المتشكل من مكونات لكل منها تاريخه وآثاره وشخصيته الاعتبارية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي