الطائف .. فرص المستقبل
أشرت في مقالي الأسبوع الماضي للنجاح الكبير الذي حظي به الموسم السياحي في الطائف وتحولت معه المدينة إلى واحة من المهرجانات، مهرجان الورد، مهرجان العسل، مهرجان العنب، مهرجان الرمان، وتوجها "سوق عكاظ" بأمسياته الأدبية والمسرحية التي استقطبت ما يزيد على 400 ألف زائر بحسب إحصائيات الإدارة المشرفة على السوق، أما الموسم السياحي بشكل عام فقد حقق في مرحلته الأولى قرابة مليون زائر للطائف استطاعوا شغل ستة آلاف غرفة فندقية حتى نهاية شهر" سبتمبر" بحجم إنفاق تجاوز800 مليون ريال وفقا لمركز الإحصاء والأبحاث في الهيئة العليا للسياحة.
وذكرت في مقالي إشارة "الرؤية الاستراتيجية للمملكة 2030" لاستغلال الإمكانات الطبيعية والتنافسية للطائف بما يضمن تعزيز التنمية الاقتصادية وزيادة فرص العمل، وقد أشار بعض المهتمين من أبناء الطائف الذين يمثلون نخبة من أهل الثقافة والفكر والإدارة في تفاعلهم مع ما طرحت، إلى مزيد من المتطلبات التي تحتاج إليها "الطائف" مستقبلا لتحقق التنمية المنشودة وتحافظ على حضورها السياحي والتنموي في ظل منافسة المدن الأخرى، ومن أهم الملاحظات التي اتفقت معظم المداخلات على تحقيقها أهمية "صناعة المعارض والمؤتمرات" وتطويرها لتكون رافدا للفعاليات السياحية وعلى سبيل المثال تمتلك الطائف "قصر المؤتمرات" الفريد في تصميمه وبنائه وهو من أجمل المباني على طريق "الهدا" بمساحة تقارب 100 ألف متر وتجاوزت تكلفة إنشائه أكثر من نصف مليار ريال وشهد القصر استضافة أربعة مؤتمرات دولية أهمها "اتفاق الطائف الشهير للمصالحة اللبنانية، إلا أنه أغلق بعد ذلك ولم تتم الاستفادة منه إلى هذه اللحظة رغم حاجة المدينة الماسة إلى موقع يجمع شتات مهرجاناتها ومعارضها حيث اضطر منظمو مهرجانات الورد والرمان والعسل إلى إقامتها في أماكن متواضعة وتحت "هناجر" وخيام بدائية لا تليق بمكانة وأهمية المنتجات المعروضة.
وما ينطبق على إهمال "قصر المؤتمرات" ينطبق على "مدينة الملك فهد الرياضية" "ومدينة الملك فهد الكشفية" فهما من أكبر المدن الرياضية في العالم العربي وكلف إنشاؤهما مليارات الريالات ومع ذلك لا تتم الاستفادة منهما إلا أيام قليلة في السنة.
وسبق لي أن زرت "مدينة الملك فهد الرياضية" وذهلت من حجم الإمكانات التي تحتويها من ملاعب، ومسابح، وصالات ألعاب متعددة، وكلها غير مستغلة في الوقت الذي يتزاحم فيه شباب المنطقة على الملاعب الترابية وعلى مسابح مستأجرة تفتقد اشتراطات السلامة والنظافة، وحتى الناديين الوحيدين في المنطقة "عكاظ" ووج" يقبعان في مبان مستأجرة بلا ملاعب ولا صالات ولا إمكانات تمكنهما من المنافسة.
أما الملاحظة الثالثة لتعزيز حضور الطائف في خريطة السياحة الداخلية فهي الحاجة الماسة لاستغلال طبيعة المدينة في إقامة حدائق "السفاري" المفتوحة فهذه الصناعة الفريدة أصبحت من ركائز الاستقطاب السياحي العالمي وهناك دول تعيش على دخل هذا النوع من الصناعة أهمها "زامبيا وتنزانيا"، والشواهد تؤكد أن الطائف مهيأة لذلك من حيث الإمكانات الطبيعية والأجواء المعتدلة وقد قرأت أخبارا عديدة عن رغبة مستثمرين أجانب للاستثمار في الطائف وفي حدائق السفاري تحديدا، إلا أنني لم أر شيئا على أرض الواقع، ولا نعرف الأسباب هل هي في جدية المستثمرين أم في العوائق "البيروقراطية "التي أعاقت كثيرا من المشاريع؟
أما الملاحظة الأخيرة فهي ضعف التسويق والاستفادة من منتجات الطائف التنافسية، وأبرز مثال على ذلك ارتباط الطائف بمنتج الورد الطائفي الذي منحها شهرة عالمية لكن هذا المنتج لم يجد أفكارا لتسويقه بطريقة ذكية ومهنية، وقد استطاعت إحدى بنات الطائف تدشين "متجر الكتروني" بإمكانات بسيطة يحوي منتجات مبتكرة مصنعة من الورد الطائفي وحققت شهرة جيدة في وقت وجيز.
لكن الأمر يحتاج إلى تطوير مثل هذه الأفكار لتكون بمثابة شركات مساهمة تسهم في تعزيز المنتج المحلي للمدينة في السوق العالمية. وما ينطبق على الورد ينطبق على الرمان والعنب والخوخ والتين وبقية منتجات السلة الطائفية الفريدة.