الموظف المتميز
المحاولة الجادة التي تبذلها كل الجهات لتمييز موظفيها أصحاب القدرات العالية تستدعي أن نستخدم معايير رقمية قابلة للقياس، وبعيدة عن الشخصنة التي تؤدي إلى ضياع أي جهد تنظيمي أو محاولة للتطوير، لكن المهم هنا هو القدرة على إنشاء المعايير وتطبيقها على الجميع.
يمكن في حالات كثيرة أن نوجد المعايير الرقمية، وأن نجتهد في رصد كل ما يهم المنظمة في نشاط وأداء وعلاقات الموظف، لكن المعيار الأهم في العملية هو الربط بين الأنشطة والنتائج، وكلما اعتمد مستقبل المنشأة على النتائج المحققة رقميا أمكن الربط الفعلي بين الأداء والتميز الذي من خلاله نكافئ المجتهد ونقوم الأقل قدرة ليكون مساهما إيجابيا في الإنتاجية.
الواقع أن النتائج المتعلقة بمستقبل المنظمة ككل يجب أن تكون الحاكم على كل العاملين من الأعلى للأسفل. بقاء المسؤول وترقيته يجب أن يعتمدا على نتائج عمله، وهذا ما يجعل مسؤولية تحويل النتائج إلى أرقام تسهل مقارنتها أمرا لا مفر منه. إذًا فالقضية ليست مجرد شعار نتبناه ونوزعه ونكون له فريقا ثم نتركه في أيدي أشخاص لا يهمهم ربط القرارات بالأرقام.
عند نقاش أمر كهذا في منظومة حكومية، سنجد القناعة بالمفهوم الأساس متدنية في أفضل الأحوال بسبب عدم القناعة بعدالة النتائج، بل إن هناك من يرى أن النتائج قد تؤدي إلى التناحر بين الموظفين ونشر العداء بينهم. هذا الأمر قد يكون صحيحا في حال لم نوجد المعايير المهنية الرقمية، وهو أمر يصعب أن نفعله في الإطار الحكومي الذي لا يبنى على النتائج، وإنما على أمور أخرى قد لا تكون لها علاقة بمستقبل المنشأة.
إذا فالقرار الذي يتم تداوله حاليا بخصوص تفعيل عملية التعرف على المتميزين من الموظفين الحكوميين بناء على معايير دقيقة ومحكمة، قد يكون بحاجة إلى منظومة متكاملة من عمليات الإعداد العلمي الذي يبعد هذه المبادرة عن الشخصنة ورغبات المديرين وعلاقات الموظفين.
يجب أن نبني على إيجاد معايير للحكم على أداء المنظومة بشكل عام، ترتبط بها عملية تقييم رقمية تسيطر على مستقبل كل من يدير المنشأة، لأنه عندما يشعر المسؤول أنه سيقيم بناء على أدائه وأن مستقبله يعتمد على هذا التقييم، فهو سيعمل على تطبيق المبادرة بطريقة أكثر مصداقية ودقة، والحديث في المجال طويل ويحتاج إلى نقد قوي للذات والحال القائم.