هل تنجح الرسوم؟
قيل إن آخر العلاج الكي، ولعل هذا هو ما دفع الدولة لتبني إجراءات حاسمة للتعامل مع قضية الموت الذي تسببه حوادث السيارات، والتلاعب بأنظمة المرور، والاستخفاف بنتائج وما يترتب على التجمعات التي يمارس فيها التفحيط ويتجاوز خطرها الأثر المادي على المشاركين والمتابعين سواء شاركوا أم كانوا على جوانب مواقع تلك التحديات الخطيرة.
تؤدي تجمعات التفحيط، التي ينظر لها البعض ببساطة، إلى تفشي سلوكيات تتجاوز الخطر الجسدي على السائق ومن معه ومن يراقب التفحيط إلى إيجاد بيئة خطيرة على الشباب. ينتشر في هذه البيئة استخدام المخدرات والمسكرات ومحاولات الاعتداء الجسدي والجنسي على الصغار، وهو أمر يجب أن نقف عنده كثيرا.
رغم الخطر الماحق الذي يسببه تحدي قوانين المرور، أصبحت المملكة ذات أعلى نسبة في الوفيات الناتجة عن الحوادث المرورية، ووصلت خطورة هذه الحوادث إلى التسبب في وفاة كل ساعة تقريبا، وإصابات تصل إلى الشلل النصفي والرباعي لضحايا الحوادث.
ورغم أن الدولة تخصص ما يزيد على 17 مليار ريال سنويا لعمليات العلاج والتأهيل لمصابي الحوادث، رغم هذا لم تفلح كل وسائل الإقناع والتحذير والتنبيه والإعلام في خفض النسبة، بل إن الحوادث في تزايد مستمر وتكاليفها كذلك وخسارة الوطن والأسر مستمرة في تلوين حياة الناس بالسواد.
فكيف بنا ونحن نواجه تحديا أكبر تمثله الأعمال السوقية غير المعقولة التي تمارس هنا وهناك وتسهم في تدمير مستقبل الشباب الواعد لمجرد أنهم أرادوا أن يستمتعوا بمزيد من الأدرينالين يسري في عروقهم كمشاهدين لهذه المنافسات المجنونة. إننا في هذه الحالة بحاجة إلى قرارات حاسمة وحازمة تنهي المأساة وتعيد المنطق لحياة الشباب الذين نفقدهم كل يوم كضحايا لأي من النتائج المؤلمة للممارسات الفاسدة هذه.
على أن من المهم أن يطبق كل قرار بحذافيره منذ البداية، فكل استثناء مهما بدا بسيطا وغير مؤثر ليس إلا ثقبا يتسع ليؤدي في النهاية إلى عدم التطبيق والدفع بالتطبيق بالاتجاه الأكثر قسوة وسلبية وخطرا على من كنا نريد مصلحتهم في الأساس.
أزعم أن وضع عقوبات صارمة على من يتهاون أو يتوسط في تطبيق هذه العقوبات سيكون ذا أثر مهم في جعلها تتحول إلى ثقافة أكثر من مجرد قوانين تطبق بشكل انتقائي.